.................................................................................................
______________________________________________________
يستفاد من النقل ، فيلزم الدور. وعلى هذا فما كان من الأدلّة بعض مقدّماته نقليّا ـ وإن كان من المقدّمات البعيدة ـ لا يسمّى عقليّا.
ومنهم من ثلّث القسمة ، وأراد بالدليل النقلي ما كان جميع مقدّماته القريبة نقليّا ، كقولنا : تارك المأمور به عاص ، لقوله تعالى : (أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) وكلّ عاص يستحقّ العقاب ، لقوله تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ). هذا ما ذكره علماء الكلام.
وأمّا علماء الاصول فظاهرهم انقسام الدليل عندهم إلى عقلي ونقلي ، فما كانت مقدّمتاه عقليّتين ـ كما في مسألة الحسن والقبح ـ فهو داخل في العقلي. وما كانت الكبرى فيه شرعيّة فهو داخل في النقلي ، كما في الأدلّة الشرعيّة من الكتاب والسنّة والإجماع. وما كانت الكبرى فيه خاصّة عقليّة ، أو توقّفت الكبرى العقليّة على بعض المقدّمات الشرعيّة ، كما في القياس والاستحسان والمفاهيم والملازمات مثل مقدّمة الواجب وحرمة الضدّ ، يسمّى بالعقليّات غير المستقلّة.
أمّا الأوّل ، فإنّ إلحاق الفرع بالأصل إنّما هو بواسطة العلّة المستنبطة عقلا من الشرع. فإذا قال الشارع : الخمر حرام ، واستفيد منه كون علّة الحرمة هو الإسكار ، يلحق بها الفقّاع ، فيقال : الفقّاع حرام ، لمساواته للخمر في الإسكار. وإن شئت قلت : الفقّاع مسكر ، وكلّ مسكر حرام ، للظنّ بذلك من قوله عليهالسلام : «الخمر حرام».
وأمّا الثاني ، فإنّ الاستحسان رجحان ينقدح في نفس الفقيه يعسر عليه التعبير عنه من دون أن يرد على الحكم المستحسن دليل شرعيّ بالخصوص ، بل كان انقداح رجحانه مستندا إلى ملاحظة موارد الشرع وسلوك الشارع فيها ، فيقال : فعل هذا أو تركه يناسب موارد الشرع ، وكلّ ما هو كذلك فهو مطلوب الفعل أو الترك للشارع ، لرجحان في النظر ، وهذا الرجحان وإن كان عقليّا إلّا