والأخيرة مختصّة بموارد (٢٢٤٠) حكم العقل بوجوب الاحتياط من جهة القطع بثبوت العقاب إجمالا وتردّده بين المحتملات : أنّ أخبار الاستصحاب حاكمة على أدلّة الاحتياط ـ على تقدير دلالة الأخبار عليه أيضا ـ كما سيجيء في مسألة تعارض الاستصحاب مع سائر الاصول إن شاء الله تعالى.
ثمّ إنّ ما ذكره من أنّه شبهة عجز عن جوابها الفحول ، ممّا لا يخفى ما فيه ؛ إذ أيّ اصولي أو فقيه تعرّض لهذه الأخبار وورود هذه الشبهة فعجز عن جوابها؟! مع أنّه لم يذكر في الجواب الأوّل عنها إلّا ما اشتهر بين النافين للاستصحاب ، ولا في الجواب الثاني إلّا ما اشتهر بين الأخباريين : من وجوب التوقّف والاحتياط في الشبهة الحكميّة.
حجّة القول السادس على تقدير وجود القائل به ، على ما سبق التأمّل فيه ، تظهر مع جوابها (٢٢٤١) ممّا تقدّم في القولين السابقين.
______________________________________________________
٢٢٤٠. لاستقلال العقل بعدم التهلكة الاخرويّة في موارد الشبهات البدويّة. وحاصل ما ذكره في مسألة البراءة : أنّ أخبار الاحتياط إنّما تدلّ على وجوب الاجتناب في موارد تحقّق احتمال التهلكة ، وأخبار البراءة أيضا إنّما تدلّ على نفي التكليف مع عدم وصول البيان إلى المكلّف ، وأخبار الاحتياط حاكمة عليها ، لكونها بيانا إجماليّا في موارد الشبهة.
نعم ، إنّ العقل من أدلّة أصالة البراءة حاكم عليها في الشبهات البدويّة ، لاستقلاله بقبح العقاب بلا بيان ، فلا احتمال للعقاب فيها حينئذ حتّى تكون مجرى لأخبار الاحتياط ، فتختصّ موردها بموارد العلم الإجمالي التي لا مسرح لحكم العقل فيها. ثمّ أشار مع تسليمه إلى دعوى حكومة أخبار الاستصحاب على الأخبار المذكورة مطلقا حتّى في موارد العلم الإجمالي ، لارتفاع احتمال التهلكة بالاستصحاب ، لكونه من جملة الأدلّة الشرعيّة بالفرض.
٢٢٤١. لأنّ الظاهر أنّ حجّة القول المذكور هي الأخبار ، بدعوى اختصاص مواردها بالأحكام الجزئيّة ، نظير ما توهّمه الأمين الأسترآبادي من اختصاص