من الأدلّة العقليّة ، كما فعله غير واحد منهم ؛ باعتبار أنّه حكم عقلي يتوصّل به إلى حكم شرعيّ بواسطة خطاب الشارع ، فنقول : إنّ الحكم الشرعيّ الفلاني ثبت سابقا ولم يعلم ارتفاعه ، وكلّ ما كان كذلك فهو باق ، فالصغرى شرعيّة والكبرى عقليّة ظنّية ، فهو والقياس والاستحسان والاستقراء ـ نظير المفاهيم (٢٠٢٥) والاستلزامات ـ من العقليّات الغير المستقلّة.
الثالث : أنّ مسألة الاستصحاب على القول بكونه من الأحكام العقليّة مسألة اصوليّة يبحث فيها (٢٠٢٦) عن كون الشيء دليلا على الحكم الشرعيّ ، نظير حجّية
______________________________________________________
٢٠٢٥. في عدّها من العقليّات غير المستقلّة نظر ، لأنّ اللزوم في المفاهيم وضعي ، ولذا قد تمسّكوا فيها بالتبادر ، بخلاف وجوب المقدّمة وحرمة الضدّ ، وذلك لأنّ الواضع قد وضع القيود المأخوذة في الجمل التي لها مفاهيم لإفادة تقيّد مفاهيم هذه الجمل على وجه يفيد الانتفاء عند الانتفاء ، بأن كان التقييد داخلا والقيد خارجا. هذا ممّا نقله سيّد مشايخنا عن مجلس درس جدّي الأمجد قدسسره.
٢٠٢٦. لا إشكال في كون البحث عن حجّية الاستصحاب على تقدير اعتباره من باب العقل من المسائل الاصوليّة ، لأنّ تمايز مسائل العلوم إمّا هو بتمايز موضوعاتها ، أو حدودها ، أو خواصّها ولوازمها على سبيل منع الخلوّ. وألحق بها التدوين والشهرة ، بمعنى كون تدوين مسألة في مسائل علم أمارة لكونها من مسائله. وكذا اشتهار كونها منه في ألسنة القوم. وهذه أمارات خمسة في تمييز العلوم بعضها عن بعض ، وكلّها موجودة فيما نحن فيه. أمّا التدوين فواضح. وأمّا الاشتهار فلما حكي عن جماعة من التصريح بكونه من المسائل الاصوليّة. وأمّا الخواصّ فلوجود خاصّية علم الاصول فيه ، وهي اختصاص العمل به ببعض المكلّفين دون بعضهم ، أعني : المجتهدين. وأمّا التعريف فكذلك ، لصدق تعريف علم الاصول بأنّه علم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة الفرعيّة عليه. وأمّا الموضوع ، فإنّ موضوع علم الاصول هي ذات الأدلّة لا بوصف كونها دليلا ، و