ثم إنّ تعارض المقتضي لليقين ونفس الشكّ لم يكد يتصوّر فيما نحن فيه ؛ لأنّ اليقين بالمستصحب ـ كوجوب الإمساك في الزمان السابق ـ كان حاصلا من اليقين بمقدّمتين : صغرى وجدانيّة ـ وهي" أنّ هذا الآن لم يدخل الليل" ـ وكبرى مستفادة من دليل استمرار الحكم إلى غاية معيّنة ـ وهي" وجوب الإمساك قبل أن يدخل الليل" ـ و (*) المراد بالشكّ زوال اليقين بالصغرى ، وهو ليس من قبيل المانع عن اليقين والكبرى من قبيل المقتضي له ، حتّى يكونا من قبيل المتعارضين ، بل نسبة اليقين إلى المقدّمتين على نهج سواء ، كلّ منهما من قبيل جزء المقتضي له (٢٣٥٩). والحاصل : أنّ ملاحظة النقض بالنسبة إلى الشك وأحكام المتيقّن الثابتة لأجل اليقين اولى من ملاحظته بالنسبة إلى الشكّ ودليل اليقين.
وأمّا توجيه كلام المحقّق بأن يراد من موجب اليقين دليل المستصحب وهو عموم الحكم المغيّا ، ومن الشكّ احتمال الغاية التي (**) من مخصّصات العامّ ، فالمراد عدم نقض عموم دليل المستصحب بمجرّد الشكّ في المخصّص. فمدفوع : بأنّ نقض العامّ باحتمال التخصيص إنّما يتصوّر في الشك في أصل التخصيص ، ومعه يتمسّك بعموم الدليل لا بالاستصحاب ، وأمّا مع اليقين بالتخصيص والشك في تحقّق المخصّص المتيقّن ـ كما فيما نحن فيه ـ فلا مقتضي للحكم العام حتّى يتصوّر نقضه ؛ لأنّ العامّ المخصّص لا اقتضاء فيه لثبوت الحكم في مورد الشك في تحقّق المخصّص ، خصوصا في مثل التخصيص بالغاية (٢٣٦٠).
______________________________________________________
٢٣٥٩. فمع زوال اليقين بالصّغرى لا يبقى مقتض لليقين حتّى يقع التعارض بين المقتضي والمانع.
٢٣٦٠. وجه الخصوصيّة : أنّ التخصيص في الاستثناء والصفة وبدل البعض
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : معلوم أنّ شيئا من المقدّمتين لا اقتضاء فيه لوجوب الإمساك فى زمان الشكّ لو خلّى وطبعه حتّى يكون الشكّ من قبيل المانع عنه ، مع أنّ.
(**) في بعض النسخ زيادة : هى.