.................................................................................................
______________________________________________________
قذر» وقوله : يجب كذا ويحرم كذا ، ونحو ذلك ممّا يتضمّن حكما كلّيا أو قاعدة كليّة تندرج فيها أحكام كلّية ، مرجعه إلى البحث عن تعيين مضمون هذه الأخبار للإفتاء بمضمونها ، وليس ذلك بحثا عن أحوال الدليل ، كذلك ما نحن فيه.
وبالجملة ، إنّ مسائل الاصول هي الباحثة عن أحوال طريق هذه الأحكام من حيث السند أو الدلالة أو المعارض أو نحو ذلك ، والبحث عن تعيين مضمون الطريق ليس بحثا عن أحواله.
ومن هنا يظهر ضعف ما ذكره المحقّق القمّي رحمهالله في مقام تعيين موضوع علم الاصول ـ كما تقدّم في كلام المصنّف رحمهالله ـ من أنّ الاستصحاب إن أخذ من الأخبار يدخل في السنّة ، لأنّه إن أراد أنّ قاعدة الاستصحاب على تقدير أخذها من الأخبار عبارة عن مضمون قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشكّ» وأنّ البحث عنها بحث عن أحوال الدليل ، لكونه من جزئيّات السنّة التي هي أحد الأدلّة الأربعة ، وتكون دليليّته باعتبار الاستدلال به على جزئيّاته ، ففيه : أنّه منتقض بجميع القواعد الشرعيّة ، من قاعدة الضرر والطهارة والسلطنة ووجوب الوفاء بالعقود والعسر ونحوها ، إذ يلزم عليه أن تكون هذه القواعد كلّها من المسائل الاصوليّة ، وقد اتّفقت كلمتهم على خلافه ، إذ لم يذكر أحد إحدى هذه القواعد في علم الاصول ، بل ذكروها في الفقه. ولعلّ الوجه فيه ـ مضافا إلى ما عرفت ـ أنّ تطبيق الكلّيات على جزئيّاتها لا يسمّى استدلالا ، إذ لا بدّ فيه من ترتيب الصغرى والكبرى وأخذ النتيجة منهما. ولذا أخذوا قيد النظر في تعريف الدليل ، فقالوا : الدليل ما يمكن الوصول بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري ، ولا ريب في عدم صدق ذلك على تطبيق قولنا : كلّ فاعل مرفوع على جزئيّاته.
والحاصل : أنّ الاستصحاب على تقدير أخذه من الأخبار عبارة عن مضمون قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشكّ» ولا ريب أنّ البحث عن دلالة هذا الخبر على هذه الكلّية ـ أعني : عدم جواز نقض اليقين بالشكّ ـ ليس بحثا عن أحوال السنّة ،