.................................................................................................
______________________________________________________
إذ المراد بالبحث عن أحوالها هو البحث عنها من حيث السند أو الدلالة أو المعارض أو نحو ذلك ، لا البحث عن تعيين مدلولها بعد الفراغ منها. بل ذكر الخبر حينئذ ليس إلّا من باب ذكر المبادي التصديقيّة ، والمقصود الأصلي استفادة الحكم منه ، كإثبات وجوب عبادة بالخبر ، لأنّ ذكر الخبر حينئذ ليس بحثا عن الخبر ، بل من باب ذكر المبادي. وبعد استفادة الكلّية المذكورة عن الخبر المزبور ، فالاستدلال بها على مواردها الجزئيّة ليس استدلالا بالدليل ، حتّى يكون البحث عنها ـ ولو من حيث استفادتها من الأخبار وتطبيقها على جزئيّاتها ـ بحثا عن الدليل.
وإن أراد أنّ قاعدة الاستصحاب كلّية يستدلّ بها على جزئيّاتها ، والأخبار دليل على هذه الكلّية ، بأن كانت هذه الأخبار دليل الدليل ، كما أنّ أخبار الآحاد أدلّة على إثبات خصوصيّات مؤدّياتها ، وآية النبأ دليل الدليل ، يرد عليه ـ مضافا إلى ما عرفت ، وإلى ما ستعرفه عند ما أورده المصنّف رحمهالله على بعض السادة الفحول ـ أنّ أخذ شيء من شيء لا يوجب دخوله فيه ، وإلّا انحصر أدلّة الأحكام الشرعيّة في العقل ، لانتهاء جميع الأدلّة السمعيّة إليه ، فلا يبقى وجه لتربيع الأدلّة.
وقد ظهر من جميع ما قدّمناه أنّ المتعيّن إدراج مسألة الاستصحاب على تقدير أخذها من الأخبار في المسائل الفقهيّة ، وأنّه لا وجه لرسمها في المسائل الاصوليّة.
نعم ، يصحّ ذلك بأحد وجهين ، إمّا أن يلتزم بحكم العقل والعقلاء تعبّدا أو ظنّا باستصحاب الحكم الثابت سابقا ، ويجعل قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشكّ» دليلا على ذلك ، بمعنى كون ورود هذا الكلام من الشارع في مقام إمضاء الحكم المذكور إرشادا منه إليه ، فيكون الاستصحاب حينئذ دليلا على إثبات الحكم الشرعيّ في زمان الشكّ ، والخبر الشريف دليلا على اعتباره وحجّيته. وإمّا أن يلتزم بكون الخبر المذكور ناظرا إلى جعل الحالة السابقة مع الشكّ في بقائها أمارة إلى الواقع ، إذ الحكم حينئذ يكون مستفادا من هذه الأمارة ، ويكون الخبر دليلا