لعدم الحيض وبين الدم المنفيّ عنه الحيضيّة. وسيجيء نظير هذا الاستصحاب الوجودي والعدميّ في الفرق بين الماء المقارن لوجود الكرّ وبين الماء (*) المتّصف بالكرية.
والمعيار : عدم الخلط بين المتّصف بوصف عنواني وبين قيام ذلك الوصف بمحلّ ؛ فإنّ استصحاب وجود المتّصف أو عدمه لا يثبت كون المحلّ موردا لذلك الوصف العنوانيّ ، فافهم.
الأمر الثاني : أنّه قد علم من تعريف الاستصحاب (٢٣٨٥) وأدلّته أنّ مورده الشكّ في البقاء ، وهو وجود ما كان موجودا في الزمان السابق. ويترتّب عليه عدم
______________________________________________________
حائض ثابتا بالأصل. ونظير استصحاب وجود الكلّي لإثبات بعض أفراده كما في مثال الضاحك ، أو استصحاب العدم لإثبات بعض وجوداته كما في مثال عدم التذكية ، أو الارتباط بينهما كما في مثال الحيض ، ما لو كان هنا مقدار من الكرّ وأخذ منه شيء حتّى شكّ في بقائه على الكرّية ، فإنّ استصحاب الموجود السابق ـ أعني : المتّصف بالكرّية ـ لا يثبت كون هذا الماء الموجود كرّا وإن ثبت التقارن بينه وبين الكرّيّة. نعم ، لو قيل إنّ هذا الماء كان كرّا في السابق ، والأصل بقائه على صفته السابقة ، ثبت كون هذا الماء كرّا ، وإن كان لا بدّ فيه أيضا من المسامحة في الموضوع.
وقد ظهر ممّا ذكره المصنّف رحمهالله أنّ استصحاب العدم على أقسام : أحدها : ما كان المقصود منه إثبات نفس العدم. وثانيها : ما كان المقصود منه إثبات بعض وجوداته. وثالثها : ما كان المقصود منه إثبات الارتباط بينهما ، لاختلاف الأحكام بذلك كلّه بحسب الموارد. وقد ظهرت الحال في الجميع ممّا ذكره المصنّف رحمهالله مع أمثلتها ، فتدبّر.
٢٣٨٥. هذا الأمر كالأمر السابق متعلّق بحال المستصحب ، وما تعرّض له المصنّف رحمهالله
__________________
(*) فى بعض النسخ زيادة : المقارن.