اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ). (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ) إلى غير ذلك من الآيات ، ظهر له ما استظهرناه من إرادة التوحيد في مقابل الشرك» انتهى كلامه وزيد إكرامه.
وثانيا : ما أورده عليه بعد الإغماض من أنّه بعد تسليم جميع ما تقدّم أنّ الظاهر أنّ المقصود بيان الغاية في إيجاب ما أوجبه تعالى من الواجبات التعبّدية والتوصّلية ، فكأنّه تعالى قال : إنّما أوجبت ما أوجبته على عبادي ليترتّب على ذلك عبادتهم لي على وجه الإخلاص ، لا أنّي أوجبت الإخلاص في كلّ ما أمرتهم بالتعبّد به. فعلى الأوّل يكون إيجاب ما أوجبه سبحانه لطفا في تحقّق العبادة على وجه الإخلاص ، لأنّ اللطف ما كان مقرّبا للعبد إلى الطاعة ومبعّدا له عن المعصية ، نظير ما ذكره جمهور العدليّة من الإماميّة والمعتزلة من أنّ السمعيّات لطف في العقليّات. بل قول المصنّف رحمهالله : «ومرجع ذلك إلى كونها لطفا» لعلّه إشارة إلى ذلك ، لأنّ شكر المنعم لمّا كان واجبا بحكم العقل ، لما في تركه من احتمال سلبه تعالى بعض نعمه عنهم ، وكان الشكر حاصلا بإطاعته سبحانه ، فذكروا أنّ السمعيّات لطف في العقليّات.
ونقول في تقريب دلالة الآية أيضا : إنّ ما أوجبه تعالى من الواجبات لمّا كان سببا لتحقّق العبادة على وجه الإخلاص وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، كذلك كانت تلك الواجبات لطفا فيما هو لطف في العقليّات. ويحتمل أن يكون إطلاق اللطف باعتبار كون العبادة مقرّبة إلى المحسّنات العقليّة ومبعّدة عن المقبّحات العقليّة ، على ما نصّ الله تعالى عليه في كتابه في خصوص الصلاة بقوله : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ).
وبالجملة ، إنّ إطلاق اللطف على الواجبات إنّما هو باعتبار كونها مقرّبة للعبد إلى العبادة ، إمّا بلحاظ كونها محصّلة للشكر ، أو بلحاظ كونها مجنّبة للعبد عن