وهذا إنّما يصحّ بناء على الأصل المثبت ، وقد استظهرنا سابقا أنّه متّفق عليه في الاصول اللفظيّة ، ومورده : صورة الشكّ في وحدة المعنى وتعدّده. أمّا إذا علم التعدّد وشكّ في مبدأ حدوث الوضع المعلوم في زماننا ، فمقتضى الأصل عدم ثبوته قبل الزمان المعلوم ؛ ولذا اتّفقوا في مسألة الحقيقة الشرعيّة على أنّ الأصل فيها عدم الثبوت.
______________________________________________________
مثل ما لو ثبت للفظ في اللغة معنى وفي العرف العامّ معنى آخر ، وحصل الشكّ في مبدأ النقل وأنّه في زمان الشارع أو بعده ، فأصالة التقدّم بالمعنى المذكور تقتضي حصوله في زمانه ، لغلبة مشابهة زماننا لزمانه. ولكن هذا يتمّ على القول بالظنون المطلقة في مباحث الألفاظ ، وإلّا فمقتضى أصالة العدم عدم حصوله إلى زمان العلم بحصول النقل ، ولذا اتّفقوا في مسألة الحقيقة الشرعيّة على أنّ الأصل فيها عدم الثبوت ، كما أشار إليه المصنّف رحمهالله في آخر كلامه.
نعم ، لا إشكال في اعتباره بمعنى أصالة عدم النقل وتعدّد الوضع فيما لو حصل الشكّ في تعدّد الموضوع له واتّحاده ، فيما إذا ثبت في العرف للفظ معنى وشكّ في كونه كذلك قبل ذلك أيضا ، حتّى يحمل خطابات الشارع عليه ، أو كان قبل ذلك حقيقة في معنى آخر قد نقل عنه إلى ما ثبت في عرفنا. وذلك مثل صيغة الأمر إذا ثبت كونها حقيقة في الوجوب في عرفنا ، وشكّ في كونها كذلك في عرف الشارع بل اللغة أيضا ، فيقال : مقتضى الأصل كون الصيغة حقيقة في هذا المعنى العرفي في زمان الشارع بل اللغة أيضا ، وإلّا لزم تعدّد الوضع له والنقل ، والأصل عدمهما. وهو إن كان مثبتا إلّا أنّه لا بأس به في مباحث الألفاظ ، لكون مبنى اعتباره بناء العقلاء دون الأخبار ، كما أشار إليه المصنّف رحمهالله.
ومن هذا القبيل أيضا ما لو ثبت في عرفنا للفظ معنى ، وثبت هذا المعنى في اللغة أيضا ، لكن شكّ في الموضوع لهذا المعنى في اللغة وأنّه كان هذا اللفظ ، أو كان الموضوع له لفظا آخر حتّى يكون هذا اللفظ من المستحدثات ، فبأصالة عدم تعدّد