الاستصحاب (٢٥٤٦) في كلّ مستصحب إجراء حكم دليل المستصحب في صورة الشكّ ، فلمّا كان دليل المستصحب أخصّ من الاصول سمّي تقدّمه عليها تخصيصا ، فالاستصحاب في ذلك متمّم لحكم ذلك الدليل ومجريه في الزمان اللاحق. وكذلك الاستصحاب بالنسبة إلى العمومات الاجتهاديّة ؛ فإنّه إذا خرج المستصحب من العموم بدليله والمفروض أنّ الاستصحاب مجر لحكم ذلك الدليل في اللاحق ـ فكأنّه ايضا مخصّص ، يعني موجب للخروج عن حكم العامّ ، فافهم.
الأمر الحادي عشر : قد أجرى بعضهم الاستصحاب فيما إذا تعذّر بعض أجزاء المركّب ، فيستصحب وجوب الباقي الممكن. وهو بظاهره كما صرّح به بعض المحقّقين (٢٥٤٧) غير صحيح ، لأنّ الثابت سابقا قبل تعذّر بعض الأجزاء وجوب هذه الأجزاء الباقية ، تبعا لوجوب الكلّ ومن باب المقدّمة ، وهو مرتفع قطعا ، والذي يراد ثبوته بعد تعذّر البعض هو الوجوب النفسيّ الاستقلاليّ ، وهو معلوم الانتفاء سابقا.
______________________________________________________
المذكورة هي الفقاهيّة خاصّة ، إذ الاستصحاب الموافق للأصل يكون موافقا لها أيضا ، فلا معنى لتخصيصها به حينئذ ، فلا بدّ أن يخصّ الكلام بالمخالف لا محالة.
٢٥٤٦. توضيحه : أنّ الدليل الحاكم قد يكون معمّما لموضوع الدليل المحكوم ، كما إذا قال : أكرم العلماء ولا تكرم الفساق منهم ، فإذا شكّ في عدالة عالم وفسقه فاستصحاب عدالته معمّم لموضوع قوله : أكرم العلماء لمثل هذا العالم أيضا. وقد يكون مخصّصا له ، كأدلّة نفي الحرج بالنسبة إلى عمومات التكاليف ، لأنّها مخصّصة لها بغير موارد الحرج. واستصحاب الشغل والنجاسة من قبيل الأوّل ، من حيث كونه معمّما لدليل الشغل والنجاسة بالنسبة إلى زمان الشكّ ، ومن قبيل الثاني من حيث كونه متمّما لدليل الشغل والنجاسة ، وبمنزلة المخصّص لعمومات البراءة والطهارة.
ثمّ إنّ تحقيق كون تقديم هذا الاستصحاب على عمومات البراءة والطهارة من باب الحكومة أو الورود يتّضح ممّا ذكره في تعارض الاصول ، فانتظره.
٢٥٤٧. هو المحقّق الخوانساري على ما حكي عنه.