أمّا بالاعتبار الأوّل فمن وجوه ، الوجه الأوّل : من حيث إنّ المستصحب قد يكون أمرا وجوديّا ـ كوجوب شىء أو طهارة شىء أو رطوبة ثوب أو نحو ذلك ـ وقد يكون عدميّا ، وهو على قسمين : أحدهما عدم اشتغال الذمّة بتكليف شرعيّ ، ويسمّى عند بعضهم ب : " البراءة الأصليّة" و" أصالة النفي". والثاني : غيره ، كعدم نقل اللفظ عن معناه ، وعدم القرينة ، وعدم موت زيد ورطوبة الثوب وحدوث موجب الوضوء أو الغسل ، ونحو ذلك. ولا خلاف في كون الوجوديّ محل النزاع.
وأمّا العدمي ، فقد مال الاستاذ قدسسره إلى عدم الخلاف فيه ، تبعا لما حكاه عن استاذه السيّد صاحب الرياض رحمهالله : من دعوى الإجماع على اعتباره في العدميّات. واستشهد على ذلك بعد نقل الإجماع المذكور ، باستقرار سيرة العلماء على التمسّك بالاصول العدميّة ، مثل : أصالة عدم القرينة والنقل والاشتراك وغير ذلك ، وببنائهم هذه المسألة (٢٠٤٨) على كفاية العلّة المحدثة للإبقاء.
______________________________________________________
والثالث مثل ما لو وجد المتيمّم ماء في أثناء صلاته ، فأريق قبل مضيّ زمان يتمكّن من التوضّؤ به فيه ، فإنّهم قد اختلفوا في كون الشكّ في انتقاض التيمّم من جهة الشكّ في استعداده للبقاء إلى زمان وجدان الماء ، بأن كان عدم وجدانه مأخوذا في صحّة التيمّم ، أو من جهة الشكّ في كون وجدانه رافعا لها ابتداء واستدامة.
ثمّ إنّ مجموع الأقسام المتقدّمة ترتقي إلى عشرين قسما ، تسعة باعتبار المستصحب ، وثلاثة باعتبار الدليل ، وثمانية باعتبار الشكّ المأخوذ في الاستصحاب. وهنا أقسام أخر أيضا ، إلّا أنّ العمدة منها التي تختلف بها الأدلّة والأقوال المعروفة ما ذكرناه ، فلا تغفل.
٢٠٤٨. بتقريب أنّ المحتاج إلى العلّة في البقاء هو الوجود دون العدم ، ولذا اشتهر أنّ الأعدام لا تعلّل ، فبنائهم الخلاف في المسألة على ما ذكر يكشف عن عدم الخلاف في الاستصحابات العدميّة.