المنكرين للاستصحاب إنّما هو في الإثبات دون النفي الأصليّ" (١٢). وأمّا سيرة العلماء (٢٠٥١) ، فقد استقرّت في باب الألفاظ على التمسّك بالاصول الوجوديّة والعدميّة (٢٠٥٢) كلتيهما.
قال الوحيد البهبهاني في رسالته الاستصحابيّة ـ بعد نقل القول بإنكار اعتبار الاستصحاب مطلقا عن بعض وإثباته عن بعض والتفصيل عن بعض آخر ـ ما هذا لفظه : لكنّ الذي نجد من الجميع ـ حتّى من المنكر مطلقا ـ أنهم يستدلّون بأصالة عدم النقل ، فيقولون : الأمر حقيقة في الوجوب عرفا ، فكذا لغة ؛ لأصالة عدم النقل ، ويستدلّون بأصالة بقاء المعنى اللغويّ ، فينكرون الحقيقة الشرعيّة ، إلى غير ذلك ، كما لا يخفى على المتتبّع ، انتهى. وحينئذ ، فلا شهادة في السيرة الجارية في باب الألفاظ على خروج العدميّات.
______________________________________________________
٢٠٥١. ممّا يوهنها ما ذكره الشهيد الثاني في تمهيد القواعد ، لأنّه بعد أن عزى حجّية الاستصحاب إلى الأكثر قسّمه إلى أربعة أقسام : استصحاب النفي في الحكم الشرعيّ إلى أن يرد دليل ، واستصحاب العموم إلى أن يرد مخصّص ، وحكم النصّ إلى أن يرد ناسخ ، واستصحاب حكم ما ثبت شرعا ، واستصحاب حكم الإجماع إلى موضع النزاع. ثمّ ذكر للخلاف فروعا من الاستصحابات الوجوديّة والعدميّة ، لأنّ ظاهره كون هذه الفروع بأسرها محلّ ثمرة بين قول الأكثر وغيره.
نعم ، ما ذكره في جملة الفروع من أنّه «لو شكّ في الطهارة مع تيقّن الحدث أو بالعكس ، فإنّه يستصحب حكم ما علمه ، ويطرح المشكوك فيه» انتهى ، ليس في محلّه ، لعدم الخلاف فيه. ويؤيّده أيضا أنّ الأمين الأسترآبادي في الفصل السادس من فوائده المدنيّة قد نسب القول باعتبار استصحاب نفي الحكم الشرعيّ إلى المتأخّرين من أصحابنا ، وهو مؤذن بوجود الخلاف بينهم.
٢٠٥٢. سنشير إلى أنّ هذه الاصول لا دخل له فيما نحن فيه. مضافا إلى ما أشار إليه المصنّف رحمهالله من كونها أعمّ من الوجودي والعدمي.