نعم ، يبقى دعوى (٢٥٩٢) : أنّ ظاهر اللفظ في مثل القضيّة المذكورة كون الموضوع هو العنوان وتقوّم الحكم به المستلزم لانتفائه بانتفائه. لكنّك عرفت : أنّ
______________________________________________________
٢٥٩٢. حاصل هذه الدعوى : أنّ مقتضى ظاهر اللفظ في القضيّة المذكورة كون الموضوع هو الوصف العنواني ، لا ما زعمه أهل العرف من التعميم ، ولا يعدل عن الظواهر إلّا بدليل.
والجواب : أنّ تعميم الموضوع إنّما هو بحسب فهم أهل العرف من ظواهر الأدلّة لا بحسب تخيّلاتهم واعتقاداتهم ، ولا ريب أنّ المدار في أمثال المقام على الظواهر العرفيّة لا على مقتضيات الأوضاع اللغويّة.
وحاصل الدعوى الثانية : أنّ المدار إنّما هو على مقتضيات الأوضاع اللغويّة أو العرفيّة ، أو على المجازات المكتنفة للقرائن الخارجة ، وشيء منهما غير متحقّق في المقام ، إذ الفرض أنّ مقتضى الوضع لغة أو عرفا كون الموضوع هو الوصف العنواني ، ولا قرينة على خلافه.
والجواب : أنّ القرينة إنّما هي فهم العرف ، بخلاف الظاهر ، لأنّ المدار في مباحث الألفاظ على المفاهيم العرفيّة وإن لم تكن مستندة إلى قرينة مخصوصة.
وإذا تحقّق عندك ذلك يستقيم لك أن تقول : إنّ المراد بقولهم : إنّ الأحكام تدور مدار الأسماء ، هو دورانها مدار الأسماء التي علّقت الأحكام عليها في ظواهر الأدلّة ، وأنّ هذه الضابطة منهم وردت لتأسيس أصل وقاعدة في ترتيب الأحكام على موضوعاتها ، فمرادهم به التنبيه على عدم جواز الخروج من ظواهر الأدلّة إلّا بقرينة فهم العرف أو غيره ، كما هو مقتضى تأسيس الأصل في موارده وتثمر هذه الضابطة فيما لو شكّ في كون الموضوع هو الوصف العنواني المذكور في ظاهر الدليل أو الأعمّ منه ومن الفاقد للوصف ، من جهة الشكّ في فهم العرف للتعميم ، فيقتصر حينئذ على ما اقتضاه ظاهر الدليل.
ثمّ إنّ الفرق بين المعنى المذكور والمعنى الذي أشار إليه المصنّف رحمهالله آنفا بقوله : «وممّا ذكرنا يظهر أنّ معنى قولهم ...» ، ظاهر عند المتأمّل.