وأصرح من ذلك في عموم محلّ النزاع ، استدلال النافين في كتب الخاصّة والعامّة : بأنّه لو كان الاستصحاب معتبرا لزم ترجيح بيّنة النافي ؛ لاعتضاده بالاستصحاب ، واستدلال المثبتين كما في المنية بأنّه لو لم يعتبر الاستصحاب لا نسدّ باب استنباط الأحكام من الأدلّة ؛ لتطرّق احتمالات (٢٠٦٠) فيها لا تندفع إلّا بالاستصحاب. وممّن أنكر الاستصحاب في العدميّات صاحب المدارك ؛ حيث أنكر اعتبار استصحاب عدم التذكية الذي تمسّك به الأكثر لنجاسة الجلد المطروح.
وبالجملة : فالظاهر أنّ التتبّع يشهد بأنّ العدميّات ليست خارجة عن محلّ النزاع ، بل سيجيء عند بيان أدلّة الأقوال : أنّ القول بالتفصيل بين العدميّ والوجوديّ ـ بناء على اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ ـ وجوده بين العلماء لا يخلو من إشكال ، فضلا عن اتّفاق النافين عليه ؛ إذ ما من استصحاب وجوديّ (٢٠٦١)
______________________________________________________
اللغوي ، فينكرون الحقيقة الشرعيّة إلى غير ذلك ، كما لا يخفى على المتتبّع. والأخباريّون أيضا صرّحوا بحجّية الاستصحاب في موضوع الحكم الشرعيّ على ما ذكره الشيخ الحرّ ، فهم يقولون بحجّية القسم الأوّل والضرب الثاني. والفاضل صاحب الذخيرة صرّح بحجّية الضرب الثاني ، ولعلّه موافق للأخباريّين. والوحيد الأستاذ في شرح الدروس فصّل تفصيلا آخر» انتهى كلامه رفع في الخلد شأنه ومكانه.
٢٠٦٠. مثل احتمال النقل والاشتراك والمجازيّة والإضمار ونحوها.
٢٠٦١. إذ لا أقلّ من استصحاب عدم ضدّ المستصحب الوجودي ، لأنّ الطهارة مثلا لا تنفكّ عن عدم النجاسة ، والحياة عن عدم الموت ، والوجوب عن عدم أضداده الأربعة.
فإن قلت : إنّ اعتبار الظنّ ببقاء شيء بسبب الظنّ بانتفاء أضداده إنّما يتمّ على القول بالاصول المثبتة ، وهو خلاف التحقيق كما سيجيء في محلّه إن شاء الله تعالى ، فكيف تدّعي الملازمة بين اعتبار الاستصحاب العدمي والوجودي؟
قلت : أوّلا : إنّ هذا إنّما يتمّ إذا لم يكن الوجود من الآثار الشرعيّة للعدم ،