الاستصحاب تشملها ، وأنّ مدلولها لا يختصّ بالشكّ في البقاء ، بل الشكّ بعد اليقين ملغى مطلقا ، سواء تعلّق بنفس ما تيقّنه سابقا أم ببقائه.
وأوّل من صرّح بذلك الفاضل السبزواري في الذخيرة في مسألة من شكّ في بعض أفعال الوضوء ، حيث قال : والتحقيق أنّه إن فرغ من الوضوء متيقّنا للإكمال ، ثمّ عرض له الشكّ ، فالظاهر عدم وجوب إعادة شيء ؛ لصحيحة زرارة : " ولا تنقض اليقين أبدا بالشكّ" (٨) ، انتهى. ولعلّه قدسسره تفطّن له من كلام الحلّي في السرائر ، حيث استدلّ على المسألة المذكورة : بأنّه لا يخرج عن حال الطهارة إلّا على يقين من كمالها ، وليس ينقض الشكّ اليقين (٩) ، انتهى. لكن هذا التعبير من الحلّي لا يلزم أن يكون استفادة من أخبار عدم نقض اليقين بالشكّ.
ويقرب من هذا التعبير عبارة جماعة من القدماء (١٠) ، لكنّ التعبير لا يلزم دعوى شمول الأخبار للقاعدتين ، على ما توهّمه غير واحد من المعاصرين ، وإن اختلفوا بين مدّع لانصرافها إلى خصوص الاستصحاب وبين منكر له عامل بعمومها.
وتوضيح دفعه (٢٥٩٤):
______________________________________________________
٢٥٩٤. حاصل الدفع وما أورد عليه من السؤال وما أجاب به عنه : أنّ مناط اعتبار الشكّ الطاري ـ أعني : الاستصحاب ـ هو حصول اليقين بحدوث الشيء والشكّ في بقاء الحادث المتيقّن ، بمعنى تعلّق اليقين بالوجود الأوّل والشكّ بالوجود الثاني. ومناط اعتبار الشكّ الساري حصول اليقين بحدوث الشيء أوّلا ، ثمّ عروض الشكّ في نفس الحدوث ، بأن شكّ في صحّة اعتقاده السابق أو كونه جهلا مركّبا.
فعلى الأوّل ، يكون متعلّق اليقين والشكّ متّحدا مع قطع النظر عن تغاير زمان المتيقّن والمشكوك فيه ، لما عرفت من تعلّق اليقين فيه بالحدوث والشكّ بالبقاء ، ولازمه كون القضية المتيقّنة ـ أعني : عدالة زيد يوم الجمعة ـ متيقّنة حين الشكّ أيضا من غير جهة الزمان ، بمعنى حصول اليقين بعدالة زيد يوم الجمعة ، لكن