الثالث : أن يكون كلّ من بقاء ما احرز حدوثه سابقا وارتفاعه غير معلوم ، فلو علم أحدهما فلا استصحاب ، وهذا مع العلم بالبقاء أو الارتفاع واقعا من دليل قطعيّ واقعيّ واضح ، وإنّما الكلام فيما أقامه الشارع (٢٦٠٠) مقام العلم
______________________________________________________
٢٦٠٠. لا يخفى أنّ الدليل في مورد الاستصحاب ـ موافقا له أو مخالفا ـ إمّا فقاهتي أو اجتهاديّ. وسيجيء الكلام في الأوّل عند بيان تعارض الاصول.
وأمّا الثاني فالظاهر انعقاد الإجماع على تقديم الدليل الاجتهاديّ على الاستصحاب ، سواء قلنا باعتباره من باب التعبّد أو الظنّ نوعا أو شخصا. وفي وجه تقديمه وجوه أشار إليها المصنّف رحمهالله :
أحدها : وروده عليه إن أفاد العلم ، لرفعه موضوعه حقيقة ، وحكومته عليه إن لم يفده ، لأنّ معنى الحكومة ـ كما سيجيء في محلّه ـ حكم الشارع في ضمن دليل بوجوب رفع اليد عمّا يقتضيه الدليل المحكوم لو لا الحاكم ، كأدلّة العسر بالنسبة إلى سائر العمومات المثبتة للتكليف ، لأنّها مفسّرة ومبيّنة للمراد بسائر العمومات ، ومخصّصة لموضوعاتها بغير موارد العسر. فقول الشارع : صلّ وصم ونحوهما بعد ضمّها إلى أدلّة العسر بمنزلة أن يقال : يجب عليك الصلاة والصوم اللتين لا تستلزمان العسر. أو بوجوب العمل في مورد بحكم لا يقتضيه دليله المحكوم لو لا الحاكم ، مثل البيّنة القائمة في الموضوعات المشتبهة على طبق العمومات ، فإذا ورد : أكرم العدول ، واشتبه فرد بين كونه عادلا وفاسقا ، فإذا قامت البيّنة على عدالته ، يدخل هذا الموضوع المشتبه في جملة موضوعات عموم وجوب الإكرام ، فهي مبيّنة لموضوع وجوب الإكرام ، ومعمّم له لمعلوم العدالة والمشكوك الذي قامت عليه البيّنة.
فظهر ممّا ذكرنا أنّ الحكومة تارة بعنوان التخصيص في موضوع دليل ، واخرى بالتعميم فيه. وفيما نحن فيه إذا ورد خبرا وقامت البيّنة على طبق الحالة