الموضوعات" أمارات معتبرة" ، فما كان ممّا نصبه الشارع غير ناظر إلى الواقع أو كان ناظرا ، لكن فرض أنّ الشارع اعتبره لا من هذه الحيثيّة ، بل من حيث مجرّد احتمال مطابقته للواقع ، فليس اجتهاديّا بل هو من الاصول ، وإن كان مقدّما على بعض الاصول الأخر. والظاهر أنّ الاستصحاب والقرعة من هذا القبيل.
ومصاديق الأدلّة والأمارات في الأحكام والموضوعات واضحة غالبا. وقد يختفي ، فيتردّد الشيء بين كونه دليلا وبين كونه أصلا ، لاختفاء كون اعتباره من حيث كونه ناظرا إلى الواقع أو من حيث هو ، كما في اليد المنصوبة دليلا على الملك ، وكذلك أصالة الصحّة عند الشكّ في عمل نفسه بعد الفراغ ، وأصالة الصحّة في عمل الغير.
وقد يعلم عدم كونه ناظرا إلى الواقع وكاشفا عنه وأنّه من القواعد التعبّدية ، لكن يختفي حكومته مع ذلك على الاستصحاب ، لأنّا قد ذكرنا أنّه قد يكون الشيء الغير الكاشف منصوبا من حيث تنزيل الشارع الاحتمال المطابق له منزلة الواقع ، إلّا أنّ الاختفاء في تقديم أحد التنزيلين على الآخر وحكومته عليه.
ثمّ إنّه لا ريب في تقديم الاستصحاب على الاصول الثلاثة ، أعني : البراءة والاحتياط والتخيير ، إلّا أنّه قد يختفي وجهه على المبتدي ، فلا بدّ من التكلّم هنا في مقامات : الأوّل : في عدم معارضة الاستصحاب لبعض الأمارات التي يتراءى كونها من الاصول ، كاليد ونحوها. الثاني : في حكم معارضة الاستصحاب للقرعة ونحوها. الثالث : في عدم معارضة سائر الاصول للاستصحاب.
أمّا الكلام في المقام الأوّل فيقع في مسائل : الاولى أنّ اليد (٢٦٠٥) مما لا يعارضها
______________________________________________________
٢٦٠٥. اعلم أنّ المصنّف رحمهالله وإن أتى من الكلام فيما يتعلّق بقاعدة اليد ما يناسب المقام ، إلّا أنّه لم يستوفه في فروعها وسائر ما يتعلّق بها ، فبالحريّ أن نقدّم الكلام أوّلا في بيان اعتبار القاعدة ومقدار عمومها ودلالتها وما يتبع ذلك ، ثمّ نشير إلى حكم تعارضها مع الاستصحاب. فالكلام هنا في مقامين :