.................................................................................................
______________________________________________________
المقام الثاني : في بيان حكم تعارضها مع الاستصحاب. والحقّ تقدّمها عليه. ويدلّ عليه بعد الإجماع أمران :
أحدهما : أنّ الأقرب كون اعتبار الاستصحاب من باب التعبّد في مورد الشكّ ، واعتبارها من باب الظنّ النّوعي ، لما عرفت أنّ منشأها الغلبة ، وقد أمضاها الشّارع ، فتكون حاكمة عليه ، نظير حكومة الأدلّة الاجتهاديّة على الاصول.
وثانيهما : أنّه لو لا ما ذكرنا لزم إلغائها ، لوجود الاستصحاب على خلافها في موردها غالبا ، إذ الأصل عدم انتقال ما في يده إليه. وإنّما قلنا غالبا إذ قد يتعارض الاستصحاب في موردها مع مثله ، فتبقى القاعدة سليمة من المعارض ، كما إذا علم إجمالا بحيازة أحد شخصين شيئا من المباحات ، وكان في يد أحدهما ، فبعد تعارض أصالة عدم حصول الملك لذي اليد بأصالة عدم حصوله لصاحبه تبقى القاعدة سليمة من المعارض ويبعد حمل الأخبار المتكاثرة المتقدّمة على بيان حكم مثل هذه الصورة النادرة.
فإن قلت : إنّ غاية ما ذكرت من قضيّة لغويّة القاعدة لو لا تقدّمها على الاستصحاب ، هو تقدّمها على استصحاب العدم خاصّة ، وقد يعارضها الاستصحاب الوجودي الموافق لاستصحاب العدم ، كما إذا علمنا بكون شيء ملكا لزيد ، ثمّ رأيناه في يد عمرو ، ولم نعلم بكون يده صحيحة أو باطلة ، لأنّ استصحاب بقاء ملك زيد الموافق لاستصحاب عدم انتقاله إلى عمرو يعارض القاعدة.
قلت : دليل اللغويّة لا يفرّق فيه بين الاستصحاب الوجودي والعدمي ، إذ مرجعه إلى دعوى أنّ اعتبار اليد وترتيب آثار الملك عليها على خلاف الأصل ، فلولا تقدّمها عليه لزم كونها لغوا ، سواء كان هذا الأصل هو الاستصحاب الوجودي أو العدمي مع أنّ تقدّمها على العدمي في المثال يستلزم تقدّمها على