والتحقيق : أنّ اعتبار الاستصحاب ـ بمعنى التعويل في تحقّق شيء في الزمان الثاني على تحقّقه في الزمان السابق عليه ـ مختلف فيه ، من غير فرق بين الوجودي والعدمي. نعم ، قد يتحقّق في بعض (٢٠٦٣)
______________________________________________________
والثاني إمّا أن يكون من قبيل الموضوعات المستنبطة ، أو الصرفة. والأوّل إمّا أن يكون في تعيين الأوضاع ، كأصالة عدم النقل أو الاشتراك ، وإمّا أن يكون في تعيين المرادات ، كأصالة عدم قرينة المجاز أو التخصيص أو التقييد أو الإضمار. والثاني مثل عدم الرطوبة والكرّية ونحوهما. وقد وقع الإجماع على اعتبار الاستصحاب في بعض هذه الأقسام ، كما أشرنا إليه في الحاشية السابقة.
٢٠٦٣. يستفاد من كلامه من باب الإيماء والإشارة ما ينبغي تحقيق المقام به في إثبات كون الاستصحاب العدمي محلّ خلاف ، أو عدم ثبوت كون اعتباره وفاقيّا. وتوضيحه : أنّ العمدة في دعوى خروج العدميّات من محلّ النزاع هو ما ادّعاه صاحب الرياض من الإجماع ، ولا ريب أنّ هذه الدعوى إنّما نشأت من ملاحظة عمل العلماء بالاصول العدميّة اصولا وفروعا ، ولا ريب أنّ العمل من حيث كونه من قبيل الأفعال لا ظهور له في الجهة التي وقع عليها ، لإجماله من هذه الجهة كما قرّر في الإجماع التقييدي.
وحينئذ نقول : إنّ المدّعى في المقام حجّية الاستصحابات العدميّة ، بمعنى كون ثبوت العدم في الزمان الثاني مستندا إلى ثبوته في الزمان الأوّل ، كما هو المأخوذ في مفهوم الاستصحاب ، وهذا غير ثابت من عمل العلماء ، لأنّ غاية ما يستفاد من جهة عملهم حكمهم بثبوت الأعدام عند الشكّ في ثبوتها ، وأمّا كون ذلك من جهة استصحاب العدم بالمعنى الذي عرفته ، أو لأجل قواعد أخر موافقة المؤدّى له ، مثل قاعدة الشكّ في المانع مع إحراز المقتضي ، حيث يحكمون بعدم المانع في مواردها ، وقاعدة كون عدم الدليل دليل العدم ، وقاعدة البراءة ونحوها ،