.................................................................................................
______________________________________________________
فلا دلالة لعملهم على تعيين أحد هذين الأمرين. فيحتمل أن يكون بنائهم على العدم في مباحث الألفاظ ، مثل أصالة عدم النقل أو الاشتراك وأصالة عدم قرينة المجاز أو التخصيص أو التقييد أو نحو ذلك ، لأجل كون عدم الدليل دليلا ظنّيا على العدم ، والظنّ معتبر في مباحث الألفاظ عندهم. ويحتمل كون العمل بالظواهر ونفي قرينة المجاز والتخصيص والتقييد لأجل قاعدة إحراز المقتضي والشكّ في المانع. وكذا نفي الأحكام الكلّية المشكوك فيها لأجل قاعدة البراءة. وكذلك البناء على عدم النسخ لأجل ظهور الكلام في الاستمرار ، أو قضاء العادة بذلك ، كما سنشير إلى توضيحه عند شرح قوله : «والظاهر بل صريح جماعة ...».
ومن هنا ترى أنّ المرتضى رضى الله عنه مع إنكاره للاستصحاب مطلقا ـ وجوديّا كان أو عدميّا ـ لم ينكر البناء على العدم عند الشكّ في الوجود ، لأنّه بعد الاحتجاج في الذريعة على عدم اعتبار الاستصحاب قال : «فأمّا القول بأقلّ ما قيل في المسألة من حيث كان الإجماع ثابتا فيه ، والزيادة لا دليل عليها ، فينفى وجوبها ، فهو صحيح إذا بني على ما قدّمناه من الاستدلال على نفي الحكم بنفي الدلالة عليه ، إذا كان من الباب الذي متى كان حقّا وجب أن تكون عليه دلالة منصوبة ، وليس يختصّ ذلك بأقلّ ما قيل ، بل في كلّ حقّ اختلف في ثبوته ، وهو ممّا يجب إذا كان ثابتا وجود دلالة عليه.
فإن قيل : لم وجب النفي لعدم دليل الإثبات ، فلم يجب الإثبات لعدم دليل النفي؟ قلنا : لا بدّ لكلّ مثبت أو ناف من دليل على ما نفاه أو أثبته ، غير أنّ النافي لأمر قد علم بالدليل أنّه لو كان ثابتا لوجب أن يكون عليه دلالة قائمة ، يمكن أن ينفيه من حيث انتفت الدلالة عليه ، وصار انتفاء الدلالة دليلا كافيا على النفي. وليس كذلك الإثبات ، لأنّه لا بدّ فيه من دلالة ، هي إثبات لا يرجع إلى طريقة النفي حتّى يقال : لو كان منفيّا لكان على انتفائه دليل ،