.................................................................................................
______________________________________________________
قد ذكر في النهاية مسألة الاستصحاب ، ونسب عدم الحجّية إلى أكثر الحنفيّة وجماعة من المتكلّمين ، كأبي الحسين البصري والسيّد المرتضى وغيرهما. وقال : ومن هؤلاء من جوّز به الترجيح لا غير. ونسب الحجّية إلى جماعة من الشافعيّة ، كالمزني والصيرفي والغزالي وغيرهم. ثمّ أخذ في أدلّة الطرفين وأطال فيها. ثمّ ذكر عنوانا آخر لاستصحاب حال الإجماع ، وذكر خلاف الناس فيه ، ونسب عدم الحجّية إلى جماعة ومنهم الغزالي ، والحجّية إلى الآخرين. ومثّل له برؤية المتيمّم الماء في أثناء الصلاة ، وبالخارج من غير السبيلين. وهو كما ترى صريح في وقوع الخلاف في المقامين. ونحوه ما صنعه الحاجبي.
وقال الحرفوشي في مقام آخر من شرح القواعد في مقام بيان مدارك الأحكام : «وأمّا دليل العقل فأقسام ـ وعدّ منها الاستصحاب ـ وقال : وهو إثبات الحكم ـ وجوديّا كان أم عدميّا ـ في الزمان الثاني تعويلا على ثبوته في الزمان الأوّل. وليس بحجّية عند المرتضى وأكثر الحنفيّة والمتكلّمين وأبي الحسين البصري. وذهب أكثر أصحابنا وكثير من محقّقي العامّة ـ كالمزني والصيرفي والغزالي ـ إلى أنّه حجّة ، ويصحّ الاستدلال به» إلى أن قال : «والذي عليه بعض المحقّقين ـ وهو الأظهر ـ أنّه ليس بحجّة مطلقا إلّا في صورتين : الاولى : استصحاب الصحابة ما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى أن يجيء نسخه. الثانية : ما دلّ الشرع على ثبوته لوجود سببه ، كثبوت الملك بالشراء ، فيستصحب إلى أن يدلّ دليل على خلافه» انتهى.
وهو كما ترى قد نسب عدم الحجّية هنا إلى أكثر الحنفيّة ، والحجّية إلى أكثر أصحابنا. ونسب عدم الحجّية إلى الأكثر مطلقا في كلامه المتقدّم ، والحجّية إلى جماعة ، بل عدّ الغزاليّ من المثبتين هنا ، ومن النافين هناك. وهذا لا يتمّ إلّا باختلاف العنوان في المقامين كما عرفته من النهاية.
وكيف كان ، فالحقّ وقوع الخلاف في غير حال الإجماع أيضا. ولعلّ مراد