أنّ ظاهر أخبارها أعمّ من جميع أدلّة الاستصحاب ؛ فلا بدّ من تخصيصها بها ، فيختصّ القرعة بموارد لا يجري فيها الاستصحاب.
نعم ، القرعة واردة على أصالة التخيير ، وأصالتي الإباحة والاحتياط إذا كان مدركهما العقل ، وإن كان مدركهما تعبّد الشارع بهما في مواردهما فدليل القرعة حاكم عليهما ، كما لا يخفى. لكن ذكر في محلّه أنّ أدلّة القرعة لا يعمل بها بدون جبر عمومها بعمل الأصحاب أو جماعة منهم ، والله العالم.
المقام الثالث : في تعارض الاستصحاب مع ما عداه من الاصول العمليّة أعني : أصالة البراءة وأصالة الاشتغال وأصالة التخيير.
______________________________________________________
ظاهر أكثر أخبارها. أمّا على الأوّل فواضح. وأمّا على الثاني ، فإنّ ظاهر الأخبار الواردة فيها كونها مجعولة لتشخيص المشتبه الواقعي في مورد الشكّ ولو تعبّدا ، فيكون تقدّمها على الاصول نظير تقدّم البيّنة عليها ، بناء على اعتبار البيّنة من باب التعبّد.
فإن قلت : إنّ هذا مسلّم بالنسبة إلى البراءة والاحتياط والتخيير. وأمّا بالنسبة إلى الاستصحاب فلا ، لأنّه أيضا في الموضوعات مشخّص لحال الموضوع المشتبه ، ومبيّن لبقائه على حالته الاولى.
قلت : إنّ معنى اعتبار الاستصحاب في الموضوعات من باب التعبّد ترتيب آثار الموضوع المعلوم عليه ، لا وجوب البناء على كون الموضوع المشتبه البقاء موجودا في اللاحق ، أو كون الموضوع المشتبه البقاء على صفة كونه في اللاحق على الصفة المذكورة ، بخلاف قاعدة القرعة ، لأنّ ظاهر الأخبار الواردة فيها هو وجوب البناء على كون الموضوع المشتبه ما أخرجته القرعة ، لا على مجرّد ترتيب آثار الواقع عليه ، بل عليه وعلى كونه هو الموضوع المطلوب إخراجه بها.
وتظهر ثمرة هذا البناء في تقديمها على الاستصحاب في المقام وإن قلنا باعتبارها من باب العقل ، فالقاعدة واردة على ما عدا الاستصحاب ، لأنّ موضوع البراءة ـ كما صرّح به المصنّف رحمهالله في أوّل باب التعادل والترجيح ـ هو عدم البيان ،