يفيد العلم صار المحصّل له عالما بحكم العصير (*) ، فلا يقتضي الأصل حلّيته ؛ لأنّه إنّما اقتضى حليّة مجهول الحكم (٢٧٧٣) ، فالحكم بالحرمة ليس طرحا للأصل ، بل هو بنفسه غير جار وغير مقتض ؛ لأنّ موضوعه مجهول الحكم. وإن كان بنفسه لا يفيد العلم بل هو محتمل الخلاف ، لكن ثبت اعتباره بدليل علمي :
______________________________________________________
قدّمناه كانت العبارة المزبورة مضروبا عليها في بعض النسخ المصحّحة ، ولكن كان الأولى حينئذ أن يضرب على قوله أيضا «لم يكن مورد للأدلّة النافية لحكم الشكّ في هذه الصور».
ثمّ إنّ الحكومة قد تكون بالتخصيص ، بأن كان أحد الدليلين رافعا للحكم الثابت بالدليل الآخر عن بعض أفراد موضوعه ، وقد تكون بالتعميم في موضوع الدليل الآخر ، كما أشار إليه المصنّف رحمهالله في غير موضع من كلماته. وتظهر الحال في الأوّل ممّا تقدّم.
وأمّا الثاني فمثاله في الأحكام استصحاب الطهارة بعد خروج المذي المثبت لعدم ناقضيّته ، فإنّه حاكم على ما دلّ على اشتراط الطهارة في الصلاة أو غيرها ممّا هو مشروط بها ، فإنّه معمّم لموضوع الدليل المذكور بحيث يشمل من خرج منه المذي بعد الطهارة وإن كان هو مشكوك الطهارة في الواقع. وكذلك استصحاب نجاسة ماء زال تغيّره من قبل نفسه ، فإنّه حاكم على الأدلّة المثبتة لأحكام النجاسة ، ومعمّم لموضوعها لما يشمل مثل هذا الماء المشكوك النجاسة.
ومثاله في الموضوعات استصحاب الطهارة أو النجاسة أو الحدث بالنسبة إلى ما دلّ على اعتبار هذه الامور وجودا أو عدما في الصلاة. وكذا ما لو ورد الأمر بإكرام العلماء ، وقامت البيّنة على كون رجل عالما ، وهكذا. وما ذكره المصنّف رحمهالله في ضابطة الحكومة إنّما ينطبق على ما لو كانت الحكومة فيه على وجه التخصيص ، فلا يشمل ما لو كانت فيه على وجه التعميم ، وهو واضح.
٢٧٧٣. قال في الحاشية «هذا حال الأصل بعد اطّلاع المجتهد على الدليل. و
__________________
(*) فى بعض النسخ زيادة : العنبي مثلا.