.................................................................................................
______________________________________________________
فحينئذ يدور الأمر بين صور أربع ، صورتان منها ممتنعتان ، وهما طرح الظاهرين مطلقا ، وطرحهما سندا خاصّة ، إذ الأوّل مخالف لأخبار الترجيح والتخيير ، لصراحتها في وجوب الأخذ بأحدهما المرجّح أو المخيّر ، والثاني غير معقول ، لوضوح كون الأخذ بالظاهرين فرع اعتبار سندهما. وصورتان ممكنتان ، وهما :
الأخذ بسندهما وارتكاب التأويل في ظاهرهما ، والأخذ بأحدهما سندا ودلالة وطرح الآخر كذلك ، فيدور الأمر بينهما. بل قد عرفت في الحاشية السابقة أنّ الدوران في الحقيقة بين ظاهر أحدهما ، وهو ظاهر متيقّن الأخذ بسنده ، وسند الآخر وهو ما لم يتعيّن الأخذ بسنده ، فيدور الأمر بين مخالفة أصلين ، أعني : مخالفة دليل اعتبار ظاهر الأوّل ، ومخالفة دليل اعتبار سند الثاني ، وقد تقدّم توضيحه في الحاشية السابقة. ولا ترجيح للاولى ، لعدم كون الشكّ فيها مسبّبا عن الشكّ في الثانية حتّى يكون دليل اعتبار السند حاكما على دليل اعتبار الظاهر ، لكون الشكّ فيهما مسبّبا عن ثالث ، وهو العلم الإجمالي بعدم اعتبار أحد الأصلين في المقام ، فيتعارضان ، فلا يبقى مجال لقاعدة أولويّة الجمع من طرح أحدهما ، بخلاف قطعيّي الصدور على ما عرفت.
واعترض عليه بمنع عدم الترجيح ، إذ لا ملازمة بين القطع بصدورهما وإرادة خلاف ظاهرهما ، لأنّ الملازم لها نفس صدورهما في الواقع ، وعدم انفكاك القطع به عنها إنّما هو لأجل كون القطع به طريقا إلى ما هو ملزوم لها وكاشفا عن ثبوته في الواقع ، فمع انكشاف ثبوت الملزوم في الواقع يترتّب عليه ثبوت لازمه ، ولا ريب أنّه لا فرق في الكاشف بين كونه عقليّا كالقطع ، أو شرعيّا كأدلّة اعتبار السند. ومن هنا يظهر كون اعتبار السند حاكما على دليل اعتبار الظاهر.
نعم ، لو كان تأويلهما من آثار القطع بصدورهما لا يلزم من ترتّبه عليه ترتّبه على القطع الشرعيّ أيضا ، لعدم الملازمة ، بخلاف ما لو كان من آثار المقطوع به ، إذ لا بدّ من ترتّبه حينئذ أيضا على ما هو بمنزلة القطع كما في سائر التنزيلات