.................................................................................................
______________________________________________________
الشرعيّة ، نظير ارتكاب التأويل في الظاهر القطعيّ الصدور بسبب دليل اعتبار النصّ ظنّي الصدور ، كعموم الكتاب في مقابل خصوص الخبر ، كما أشار إليه في دفع الاعتراض الثاني ، لأنّ التعارض كما أنّه هنا بين ظاهر القطعيّ وسند النصّ الظنّي ، كذلك التعارض فيما نحن فيه بين ظاهر متيقّن الأخذ بسنده وسند الآخر على ما أشرنا إليه ، فكما أنّ دليل اعتبار سند النصّ هنا حاكم على دليل اعتبار ظاهر القطعيّ ، فليفرض فيما نحن فيه أيضا كذلك. ومن هنا يظهر ضعف ما وقع به المقايسة الثانية.
وممّا يؤكّد ما ذكرناه اعترافه عند بيان حكومة الأدلّة على الاصول اللفظيّة بكون النصّ الظنّي السند واردا أو حاكما على ظهور العامّ القطعيّ السند ، إذ مقتضاه كون الشكّ في جواز تأويل كلّ واحد من الظاهرين مسبّبا عن الشكّ في اعتبار سند الآخر ، لوضوح عدم الفرق بين الظواهر وكذا أسناد الأدلّة ، ويلزمه سقوط كلّ من الظاهرين المتعارضين بمزاحمة مقابله ، فيتعيّن حملهما على ما يجتمعان عليه ، لا الأخذ بأحدهما وطرح الآخر رأسا.
ومن هنا يظهر أنّ مقتضى الأصل والقاعدة في المتعارضين مطلقا ـ سواء كان تعارضهما بالتباين ، أو العموم والخصوص مطلقا ، أو من وجه ـ هو الجمع لا الأخذ بأحدهما وطرح الآخر رأسا. فالأولى في المقام هو التمسّك بذيل الدليل المخرج من النصّ والإجماع ، لا التمسّك بعدم الدليل كما صنعه المصنّف رحمهالله.
ويمكن دفع الاعتراض ، ولكنّه موقوف على بيان أقسام المتعارضين ، فنقول : إنّهما إمّا قطعيّان ، أو ظنّيان ، أو مختلفان. وعلى التقادير : إمّا أن يكون تعارضهما بالتباين ، أو العموم والخصوص من وجه ، أو مطلقا. فهذه أقسام تسعة.
ثمّ لا يخفى أنّ تعارضهما ليس باعتبار سندهما مع قطع النظر عن مدلولهما ، ولا باعتبار مدلولهما مع قطع النظر عن سندهما ، بل باعتبار مدلولهما بملاحظة اعتبار سندهما.