والثاني : من جهة كون المخالف ذا مزيّة ؛ لعدم (*) احتمال التقيّة. ويدلّ عليه ما دلّ على الترجيح بشهرة الرواية معلّلا بأنّه لا ريب فيه بالتقريب المتقدّم (٢٩٦٤) سابقا. ولعلّ الثمرة بين هذين الوجهين تظهر لك فيما يأتي (٢٩٦٥) إن شاء الله تعالى.
بقي في هذا المقام امور : الأوّل : أنّ الخبر الصادر تقيّة يحتمل أن يراد به ظاهره فيكون
______________________________________________________
أحدهما : أنّ الأبعد لا يحتمل إلّا الفتوى ، والموافق للعامّة يحتمل التقيّة. وزيّفه بما أشار إليه المصنّف رحمهالله هنا مع جوابه.
والآخر : المرويّ عن الصادق عليهالسلام. وأورد عليه أوّلا : بأنّه إثبات مسألة علميّة بخبر واحد. وثانيا : بطعن الفضلاء من الشيعة فيه.
ويدفع الأوّل ما تقرّر في محلّه من عدم الفرق في أدلّة اعتبار أخبار الآحاد بين الفروع والاصول العمليّة. والثاني أنّ الأخبار الدالّة على الترجيح بمخالفة العامّة وإن سلّمنا عدم بلوغها حدّ التواتر ، إلّا أنّها كثيرة جدّا. والأخبار وإن ضعف سندها إلّا أنّها تكتسي ثوب الحجّية بسبب التكاثر والتعاضد والاجتماع ، بل ربّما يصير أعلى من الصحيح الأعلى ، فلا يقدح في اعتبارها طعن جماعة من فضلاء الشيعة في سند بعضها. مع أنّ بعضها معتبر بالخصوص ، كمقبولة عمر بن حنظلة ، لتلقّي الأصحاب لها بالقبول حتّى سميّت مقبولة ، بل وصفها في البحار بالصحّة ، والشهيد الثاني بالموثقيّة ، بل هي مستندهم في باب القضاء. فهي بنفسها كافية في الباب إن شاء الله تعالى ، سيّما عند المحقّق حيث لم يلاحظ سند أخبار الآحاد في العمل بها ، بل جعل المدار فيها في المعتبر على قبول الأصحاب وعدم قبولهم.
٢٩٦٤. من كون المراد من نفي الريب في الرواية المشهورة نفيه بالإضافة إلى ما في الرواية الشاذّة من الريب ، لا نفيه مطلقا.
٢٩٦٥. عند بيان القسم الثاني من المرجّحات الخارجيّة.
__________________
(*) فى بعض النسخ : بدل «لعدم» ، أبعديّة.