.................................................................................................
______________________________________________________
ما أجابني ، ثمّ جاء آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي. فلمّا خرج الرجلان قلت : يا بن رسول الله رجلان من العراق من شيعتكم قدما يسألان ، فأجبت كلّ واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه؟ فقال : يا زرارة إنّ هذا خير لنا وأبقي لكم ، ولو اجتمعتم على أمر لصدّقكم الناس علينا ، ولكان أقلّ لبقائنا وبقائكم». قال : ثمّ قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : شيعتكم لو حملتموهم على الأسنّة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين. قال : فأجابني بمثل جواب أبيه.
فانظر إلى صراحة هذا الخبر في اختلاف أجوبته في مسألة واحدة في مجلس واحد وتعجّب زرارة ، ولو كان الاختلاف إنّما وقع لموافقة العامّة لكفى جواب واحد بما هم عليه ، ولما تعجّب زرارة عن ذلك ، لعلمه بفتواهم عليهمالسلام أحيانا بما يوافق العامّة تقيّة. ولعلّ السّر في ذلك أنّ الشيعة إذا خرجوا عنهم مختلفين ، كلّ ينقل عن إمامه خلاف ما ينقله الآخر ، سخف مذهبهم في نظر العامّة ، وكذّبوهم في نقلهم ، ونسبوهم إلى الجهل وعدم الدّين ، وهانوا في نظرهم ، بخلاف ما لو اتّفقت كلمتهم ، وتعاضدت مقالتهم ، فإنّهم يصدّقونهم ، ويشتدّ بغضهم لهم ولإمامهم ومذهبهم ، ويصير ذلك سببا لثوران العداوة. وإلى ذلك ينظر قوله عليهالسلام : «ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدّقكم الناس علينا ...». ثمّ أورد شطرا من الأخبار الأخر المتضمّنة لكونهم موقعين للخلاف بينهم لئلّا يعرفوا فيؤخذ رقابهم.
وأورد عليه الوحيد البهبهاني في فوائده الجديدة بوجوه :
أحدها : أنّ الحكم إذا لم يكن موافقا لمذهب أحد من العامّة يكون رشدا وصوابا ، لما ورد في الأخبار أنّ الرشد في خلافهم وفيما لم يذهبوا إليه ، فكيف يكون هذا تقيّة؟ لأنّ المراد بالرشد والصواب ما كان في الواقع رشدا وصوابا لا من جهة التقيّة ورفع الضرر ، وإلّا فجميع ما ذهب إليه العامّة يصير رشدا وصوابا. وأيضا