ومنها : ما ورد مستفيضا من أنّ" المؤمن لا يتّهم أخاه" وأنّه" إذا اتّهم أخاه انماث (٢٦٥٨) الإيمان في قلبه ، كما ينماث الملح في الماء" ، وأنّ" من اتهم أخاه فلا حرمة بينهما (٢٦٥٩) " ، وأنّ" من اتهم أخاه فهو ملعون ملعون" ، إلى غير ذلك من الأخبار (٢٦٦٠) المشتملة على هذه المضامين أو ما يقرب منها.
______________________________________________________
أن يقال : إنّه مع دوران الفعل بين الصحيح على اعتقاد الفاعل ، وفساده على اعتقاد الحامل ، وبين الصحيح على اعتقادهما ، بأن كان بين معتقدهما عموم مطلق ، بأن يرى الفاعل صحّة البيع بالعربيّة والفارسيّة ، ويراه الحامل فاسدا بالفارسيّة ، فأوقع بيعا وتردّد بين إيقاعه بالعربيّة والفارسيّة ، فالحمل على الصحيح على اعتقاد الفاعل حسن ، وعلى اعتقاد الحامل أحسن ، لاعتقاد الحامل مطابقة اعتقاده للواقع. ويمكن صدق الدوران بينهما مع الجهل باعتقاد الفاعل أيضا.
ولكنّك خبير بأنّ الرواية إن اختصّت بموارد دوران الأمر بين الحسن والأحسن يلزم تخصيص الأكثر ، لعدم وجوب الحمل على الأحسن في أكثر مواردها كما عرفت. وإن عمّت الصورتين لزم استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد. وإن اريد بها استحباب الحمل على الأحسن فلا يكون لها دخل فيما نحن فيه.
فإن قلت : إنّ صيغة الأفضليّة هنا مستعملة في معنى المجرّد ، مثل قوله تعالى : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) لعدم حبّه لما دعونه إليه أصلا.
قلت : إنّ الحمل على هذا المعنى محتاج إلى القرينة ، مضافا إلى ما استظهره المصنّف قدسسره في معنى الروايات ، فإنّه وارد على هذا التقدير أيضا ، فلا تغفل.
٢٦٥٨. أي : ذاب.
٢٦٥٩. لعلّ المراد ارتفاع حقوق الأخوّة بينهما.
٢٦٦٠. مثل ما دلّ على تحريم إضمار السوء على الأخ المسلم ، وما يقرب منه. وما في خبر الجهني والمرويّ مرسلا عن الصادق عليهالسلام من أنّ المؤمن وحده جماعة.
وأنت خبير بأنّ حرمة اتّهام الأخ المسلم وإضمار السوء عليه أعمّ من وجوب