ثمّ لو فرضنا أنّه يلزم من الحسن ترتيب الآثار ، ومن القبيح عدم الترتيب ـ كالمعاملة المردّدة بين الربويّة وغيرها ـ لم يلزم من الحمل على الحسن (٢٦٦٢) بمقتضى تلك الأخبار الحكم بترتّب الآثار ، لأنّ مفادها الحكم بصفة الحسن في فعل المؤمن بمعنى عدم الجرح في فعله ، لا ترتيب جميع آثار ذلك الفعل الحسن ، ألا ترى أنّه لو دار الأمر بين كون الكلام المسموع من مؤمن بعيد سلاما أو تحيّة أو شتما ، لم يلزم من الحمل على الحسن وجوب ردّ السلام.
______________________________________________________
وقوعه على الوجه الحسن والقبيح من حيث التكليف على وجهه الحسن ، لا على الوجه الحسن من حيث الوضع ، أعني : الصحّة والفساد.
ويحتمل أن يكون المراد دعوى ظهورها في الأمر بحسن الظنّ بالمؤمن والنهي عن سوء الظنّ به في أفعاله من حيث التكليف لا الوضع ، كما يرشد إليه قوله : «الآمرة بحسن الظنّ ...». وحيث كان حصول الظنّ من الامور الاضطراريّة ، فلا بدّ من حمل الأمر والنهي حينئذ على الأمر بتحصيل مقدّمات حسن الظنّ وترك مقدّمات سوء الظنّ ممّا هو في اختيار المكلّف.
٢٦٦٢. قد يقال : إنّ عدم اللزوم إنّما هو من جهة أنّ الحمل على الصحّة بمعنى ترتيب الآثار الشرعيّة على الفعل ، إنّما هو بعد إحراز موضوع هذه الآثار والعنوان الذي ترتّبت عليه ، والقاعدة لا تثبت عنوان الفعل كما سيجيء. فإذا أوقع معاملة وتردّدت بين الصحيحة والفاسدة ، فالحمل على الصحّة إنّما يجدي في ترتيب آثار البيع أو الإجارة أو غيرهما مع إحراز كون الواقع خصوص أحد الامور المذكورة ، مع تردّده بين الصحيح والفاسد منه ، لا مع تردّده بين الأمرين فصاعدا. وإذا تردّدت المعاملة بين البيع والإجارة ، فالحمل على الصحيح إنّما يجدي في ترتيب آثار القدر المشترك بينهما لا خصوص أحدهما. وعدم ترتيب الآثار فيما نحن فيه أيضا من جهة أنّه مع تردّد المسموع بين كونه شتما أو سلاما ، فالحمل على الصحّة لا يثبت كونه سلاما حتّى يجب ردّه ، لا أنّ الحمل على الحسن لا يفيد الصحّة بمعنى ترتيب الآثار.