وممّا يؤيّد ما ذكرنا ، جمع الإمام عليهالسلام في رواية محمد بن الفضل بين تكذيب خمسين قسامة ـ أعني البيّنة العادلة (٢٦٦٣) ـ وتصديق الأخ المؤمن ، فإنّه ممّا لا يمكن إلّا بحمل تصديق (٢٦٦٤) المؤمن على الحكم بمطابقة الواقع ، المستلزم لتكذيب القسامة ـ بمعنى المخالفة للواقع ـ مع الحكم بصدقهم في اعتقادهم ، لأنّهم أولى بحسن الظنّ بهم من المؤمن الواحد. فالمراد من تكذيب السمع والبصر تكذيبهما فيما يفهمان من ظواهر بعض الأفعال من القبح ، كما إذا ترى شخصا ظاهر الصحّة
______________________________________________________
ويمكن أن يجاب عنه بأنّ عدم وجوب الردّ في المثال يصحّ أن يستند إلى الوجهين ، أعني : عدم إثبات الحمل على الصحّة لعنوان الموضوع الخارجي ، وعدم اقتضاء الحمل على الحسن بمقتضى الأخبار ترتيب الآثار ، وإن كان حسن الفعل ملازما لبعض الآثار الشرعيّة ، والتمثيل إنّما هو من الجهة الثانية ، فتدبّر.
٢٦٦٣. في القاموس : «القسامة : الجماعة يقسمون على الشيء ويأخذونه ويشهدون» انتهى.
٢٦٦٤. لا يخفى أنّه يمكن الجمع بين تصديق الأخ وتكذيب خمسين قسامة بوجهين :
أحدهما : ما ذكره المصنّف رحمهالله هنا من حمل تصديق الأخ على حمل قوله على مطابقة الواقع والاعتقاد ، وتكذيب القسامة على عدم مطابقة الواقع مع مطابقة قولهم لاعتقادهم.
وثانيهما : ما ذكره عند الاستدلال على حجّية أخبار الآحاد بالآيات من حمل تصديق الأخ على معنى عدم ارتكاب القبيح في مقابل الكذب ، وتكذيب القسامة على عدم ترتيب آثار الواقع على خبره في مقابل تصديق خبر العادل ، لأنّ لتصديق خبر المخبر اعتبارين : أحدهما : كونه فعلا من الأفعال ، والآخر : كونه دالّا على معناه ، وتصديقه بالاعتبار الأوّل يراد به كونه مباحا ، وبالاعتبار الثاني يراد به مطابقته للواقع وترتيب آثار الواقع عليه ، ويقابله تكذيبه بالاعتبارين.