قال : فوثب اليهوديّ ، فقال : يا عليّ ، ما كان اسم الكلب؟ وما لونه؟ فقال عليّ عليهالسلام : لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم ، أمّا لون الكلب فكان أبلق بسواد ، وأمّا اسم الكلب فقطمير ، فلمّا نظر الفتية إلى الكلب قال بعضهم : إنّا نخاف أن يفضحنا بنباحه فألحّوا عليه (١) بالحجارة ، فأنطق الله تعالى الكلب فقال : ذروني (٢) أحرسكم من عدوّكم.
فلم يزل الراعي يسير بهم حتّى علاهم جبلا ، فانحطّ بهم على كهف يقال له : الوصيد ، فإذا بفناء الكهف عيون وأشجار مثمرة ، فأكلوا من ثمارها وشربوا من الماء وجنّهم الليل ، فأووا إلى الكهف.
فأوحى الله عزوجل إلى ملك الموت بقبض أرواحهم ، ووكّل الله بكلّ رجلين ملكين يقلّبانهما من ذات اليمين إلى ذات الشمال ، وأوحى الله عزوجل إلى خزّان الشمس ، فكانت تزاور (٣) عن كهفهم ذات اليمين وتقرضهم ذات الشمال (٤).
فلمّا رجع دقيوس من عيده سأل عن الفتية ، فأخبر أنّهم خرجوا هرابا ، فركب في ثمانين ألف حصان ، فلم يزل يقفوا أثرهم حتّى علا فانحطّ إلى كهفهم ، فلمّا نظر إليهم إذا هم نيام ، فقال الملك : لو أردت أن أعاقبهم بشيء لما عاقبتهم بأكثر ممّا عاقبوا أنفسهم ، ولكن ائتوني بالبنّائين ، فسدّ باب الكهف بالكلس والحجارة ، وقال لأصحابه : قولوا لهم : يقولوا لإلههم الذي في السماء لينجّيهم ، وأن يخرجهم من هذا الموضع.
__________________
(١) في «م» : (فانحوا عليه).
(٢) في «ر» «س» «ص» زيادة : (حتّى).
(٣) قال الراغب في مفردات غريب القرآن : ٢١٧ : تزاور عن كهفهم أي تميل ، وقال في الصحاح ٢ : ٦٧٣ : الازورار عن الشيء : العدول عنه ، وقد ازور عنه ازورارا أي : عدل عنه ، وهو مدغم تتزاور.
(٤) تقرضهم ذات الشمال أي : تخلفهم شمالا ، وتجاوزهم ، وتقطعهم ، وتتركهم على شمالها (انظر : القاموس ٢ : ٣٤٢ ، تاج العروس ١٠ : ١٣٨).