فصل
[من مواعظ لقمان لابنه]
[٢٦٩ / ١٠] ـ وبالإسناد المذكور عن جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام أنّه قال : لمّا وعظ لقمان ابنه ، فقال : أنا منذ سقطت إلى الدنيا استدبرت واستقبلت الآخرة ، فدار أنت إليها تسير أقرب من دار أنت منها متباعد.
يا بنيّ ، لا تطلب من الأمر مدبرا ولا ترفض منه مقبلا ، فإنّ ذلك يضلّ الرأي ويزري بالعقل.
يا بنيّ ، ليكن ما تستظهر به على عدوّك : الورع عن المحارم ، والفضل في دينك ، والصيانة لمروّتك ، والإكرام لنفسك أن تدنّسها بمعاصي الرحمن ومساوئ الأخلاق وقبيح الأفعال ، واكتم سرّك ، وأحسن سريرتك ، فإنّك إذا فعلت ذلك آمنت بستر الله أن يصيب عدوّك منك (١) عورة أو يقدر منك على زلّة ، ولا تأمننّ (٢) مكره فيصيب منك غرّة في بعض حالاتك ، فإذا استمكن منك وثب عليك ولم يقلّك عثرة. وليكن ممّا تتسلّح به على عدوّك إعلان الرضا عنه ، واستصغر الكثير في طلب المنفعة واستعظم الصغير في ركوب المضرّة.
يا بنيّ ، لا تجالس الناس بغير طريقتهم ، ولا تحملنّ عليهم فوق طاقتهم ، فلا يزال جليسك عنك نافرا والمحمول عليه فوق طاقته مجانبا لك ، فإذا أنت فرد لا صاحب لك يؤنسك ، ولا أخ لك يعضدك ، فإذا بقيت وحيدا كنت مخذولا وصرت ذليلا ، ولا تعتذر إلى من لا يحبّ (٣) أن يقبل منك عذرا ولا يرى لك حقّا ،
__________________
(١) في النسخ : (منكم).
(٢) في «م» : (تأمن).
(٣) في «ر» «س» : (لا تحبّ).