[دابّة الأرض أكلت الصحيفة]
ولمّا أتى أربع سنين بعث الله على صحيفتهم القاطعة دابّة الأرض ، فلحست (١) جميع ما فيها من قطيعة وظلم ، وتركت : باسمك اللهمّ ، ونزل جبرئيل على رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخبره بذلك ، فأخبر رسول الله أبا طالب ، فقام أبو طالب ولبس ثيابه ثمّ مشى حتّى دخل المسجد على قريش وهم مجتمعون فيه ، فلمّا أبصروه قالوا : قد ضجر أبو طالب وجاء الآن ليسلّم ابن أخيه ، فدنا منهم وسلّم عليهم ، فقاموا إليه وعظّموه ، وقالوا : قد علمنا ـ يا أبا طالب ـ أنّك أردت مواصلتنا والرجوع إلى جماعتنا ، وأن تسلّم ابن أخيك إلينا.
قال : والله ما جئت لهذا ، ولكن ابن أخي أخبرني ـ ولم يكذّبني ـ أنّ الله تعالى أخبره أنّه بعث على صحيفتكم القاطعة دابّة الأرض ، فلحست جميع ما فيها من قطيعة رحم وظلم وجور ، وتركت اسم الله ، فابعثوا إلى صحيفتكم ؛ فإن كان حقّا فاتّقوا الله وارجعوا عمّا أنتم عليه من الظلم والجور وقطيعة الرحم ، وإن كان باطلا دفعته إليكم ، فإن شئتم قتلتموه ، وإن شئتم استحييتموه (٢).
فبعثوا إلى الصحيفة وأنزلوها من الكعبة ، فإذا ليس فيها إلّا : «باسمك اللهمّ» ، فقال لهم أبو طالب : يا قوم ، اتّقوا الله وكفّوا عمّا أنتم عليه ، فتفرّق القوم ولم يتكلّم أحد ، ورجع أبو طالب إلى الشعب (٣).
[٤٧٧ / ١٨] ـ وقال عند ذلك نفر من بني عبد مناف وبني قصيّ ورجال من قريش ولدتهم نساء بني هاشم منهم : مطعم بن عديّ بن عامر بن لؤيّ ـ وكان
__________________
(١) اللحس : أكل الدواب الصوف وأكل الجراد الخضر والشجر ونحوه (كتاب العين ٣ : ١٤٣).
(٢) في «م» : (استجنتموه) ، وفي «ص» غير منقّطة.
(٣) إعلام الورى ١ : ١٢٥ وعنه في بحار الأنوار ١٩ : ١ / ١ ، دلائل النبوّة ٢ : ٣١١ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٨٩.