[غزوة تبوك]
[٤٩٨ / ٣٩] ـ ثمّ كانت غزوة تبوك ، فتهيّأ في رجب لغزو الروم ، وكتب إلى قبائل العرب ممّن دخل في الإسلام ، فرغّبهم في الجهاد وضرب عسكره فوق ثنيّة الوداع ، واستعمل عليّا عليهالسلام على المدينة ، وقال : لا بدّ للمدينة منّي أو منك ، فلمّا نزل الجرف لحقه عليّ ، وقال : يا رسول الله ، زعمت قريش إنّما خلّفتني استثقالا لي ، فقال : طالما آذت الأمم الأنبياء ، أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى عليهماالسلام ، قال : قد رضيت.
ثمّ رجع إلى المدينة وأتاه ـ وهو بتبوك ـ يحنة بن روبة صاحب إيلة (١) فأعطاه الجزية ، وبعث خالدا إلى الأكيدر صاحب دومة الجندل ، وقال : لعلّ الله يكفيكه بصيد البقر فتأخذه ، فبينا خالد في ليلة إضحيان (٢) مع أصحابه إذ أقبلت البقرة تنتطح على باب حصن أكيدر وهو مع امرأتين له ، فقام فركب في ناس من أهله ، فطلبوها فكمن خالد وأصحابه فأخذوه وقتلوا أخاه وأفلت أصحابه ، فأغلقوا الباب فأقبل خالد بأكيدر فسألهم أن يفتحوا فأبوا ، فقال : أرسلني فإنّي أفتح الباب ، فأخذ عليه موثقا وأرسله فدخل وفتح الباب حتّى دخل خالد وأصحابه ، فأعطاه ثمانمائة رأس وألفي بعير وأربعمائة درع وخمسمائة سيف وصالح على الجزية (٣).
وكانت تبوك آخر غزوات رسول الله صلىاللهعليهوآله وكانت غزوات كثيرة في خلال ما ذكرناه.
__________________
(١) إيلة : مدينة بين الفسطاط ومكّة على شاطئ بحر القلزم تعد من بلاد الشام (معجم البلدان ١ : ٢٩٢).
(٢) ليلة إضحيان أي مضيئة لا غيم فيها.
(٣) إعلام الورى ١ : ٢٤٤ وعنه في بحار الأنوار ٢١ : ٢٤٤ ، وانظر : الإرشاد للمفيد ١ : ١٥٤ ، المغازي للواقديّ ٣ : ١٠٢٥ ، سيرة ابن هشام ٤ : ١٦٩ ، دلائل النبوّة للبيهقيّ ٥ : ٢٥٢ ، الطبقات الكبرى ٢ : ١٦٥.