فصل
[الحجّ في السنة العاشرة وبيعة الغدير]
[٥٠٢ / ٤٣] ـ ثمّ بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا إلى اليمن ليدعوهم إلى الإسلام وخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله من المدينة متوجّها إلى الحجّ في السنة العاشرة ، فلمّا انتهى إلى ذي الحليفة ولدت أسماء بنت عميس ب : محمّد بن أبي بكر ، فأقام تلك الليلة من أجلها ، وأحرم من ذي الحليفة وأحرم الناس معه ، وكان قارنا للحجّ بسياق الهدي ، وقد ساق معه ستّا وستّين بدنة ، وحجّ عليّ عليهالسلام من اليمن وساق معه أربعا وثلاثين بدنة ، وخرج من معه من العسكر.
ولمّا قدم النبيّ صلىاللهعليهوآله مكّة وطاف وسعى نزل جبرئيل وهو على المروة بقوله : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)(١) فخطب الناس ، وقال : دخلت العمرة في الحجّ هكذا إلى يوم القيامة ـ وشبّك بين أصابعه ـ ثمّ قال : «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ، ثمّ أمر مناديه ، فنادى : من لم يسق منكم هديا فليحل وليجعلها عمرة ، ومن ساق منكم هديا فليقم على إحرامه».
ولمّا قضى رسول الله صلىاللهعليهوآله نسكه وقفل إلى المدينة وانتهى إلى الموضع المعروف بغدير خمّ ، نزل عليه جبرئيل بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)(٢) وكان يوما شديد الحرّ ، فنزل رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمر بدوحات (٣) هناك فقمّ ما تحتها ، وأمر بجمع الرحال في ذلك المكان ، ووضع بعضها على بعض ، ثمّ أمر مناديه ، فنادى في الناس بالصلاة ، فاجتمعوا إليه ، وأنّ أكثرهم ليلفّ
__________________
(١) البقرة : ١٩٦.
(٢) المائدة : ٦٧.
(٣) الدوحة : الشجرة العظيمة ، أي شجرة كانت (المصباح المنير : ١٠٢).