فقال : ادن منّي ، فدنا منه ، فضمّه إليه ونزع خاتمه من يده ، وقال له : خذ هذا فضعه في يدك ، ودعا بسيفه ودرعه وجميع لامته ، فدفع ذلك إليه ، والتمس عصابة كان يشدّها على بطنه إذا لبس درعه نزل بها جبرئيل ، فجيء بها فدفعها إلى عليّ عليهالسلام ، وقال : اقبض هذا في حياتي ، ودفع إليه بغلته وسرجها ، وقال : امض على خيرة (١) الله تعالى إلى منزلك.
فلمّا كان من الغد حجب الناس عنه وثقل في مرضه ، وكان عليّ عليهالسلام لا يفارقه إلّا لضرورة ، فلمّا قرب خروج نفسه صلىاللهعليهوآله قال : ضع رأسي ـ يا عليّ ـ في حجرك ، فقد جاء أمر الله ، فإذا فاضت روحي فتناولها بيدك ، وأمسح بها وجهك ، ثمّ وجّهني إلى القبلة وتولّ أمري ، وصلّ عليّ أوّل الناس ، ولا تفارقني حتّى تواريني في رمسي (٢).
[مراسيم التغسيل والدفن لبدنه صلىاللهعليهوآله]
[٥٠٥ / ٤٦] ـ وتوفّي صلىاللهعليهوآله لليلتين بقيتا من صفر سنة عشر (٣) من الهجرة ، ولمّا أراد عليّ عليهالسلام غسله استدعى بالفضل بن عبّاس ، فأمره أن يناوله الماء بعد أن عصّب عينيه ، فشقّ قميصه من قبل جيبه حتّى بلغ إلى سرّته ، وتولّى غسله وتحنيطه وتكفينه والفضل يناوله الماء.
__________________
(١) في «ر» «س» : (بركة).
(٢) إعلام الورى ١ : ٢٦٦ وعنه في بحار الأنوار ٢٢ : ٤٦٦.
(٣) في البحار ٢٢ : ٤١٥ : قبض النبيّ صلىاللهعليهوآله يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة ، ثمّ قال : بيان : هذا هو الموافق لما ذكره أكثر الإماميّة ، ثمّ نقل عن التهذيب وإعلام الورى : أنّه قبض سنة عشر من الهجرة ، ثمّ قال بعد فصل قليل : بيان : لعلّ قوله «سنة عشر» مبنيّ على اعتبار سنة الهجرة من أوّل ربيع الأوّل حيث وقع الهجرة فيه ، والذين قالوا : سنة إحدى عشرة بنوه على المحرّم وهو أشهر ، وفي مرآة العقول (٥ : ١٧٤) نصّ على ذلك أيضا ، وانظر المقنعة : ٤٥٦ ، تهذيب الأحكام ٦ : ٢.