زين ، وذمنا شين ، فسمعها النبي صلىاللهعليهوسلم ، فخرج النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يقول : «إنما ذلكم الله الذي مدحه زين وذمه شين». فقالوا : نحن ناس من بني تميم جئنا بشعرائنا وخطبائنا (١) لنشاعرك ونفاخرك ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما بالشعر بعثت ولا بالفخار (٢) أمرت ، ولكن هاتوا ما عندكم» ، فقام شاب منهم فذكر فضله وفضل قومه ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم لثابت بن قيس بن شماس وكان خطيب النبي صلىاللهعليهوسلم : «قم فأجبه» [فقام](٣) ، فأجابه ، وقام شاعرهم فذكر أبياتا ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم لحسان بن ثابت : «أجبه» فأجابه ، فقام الأقرع بن حابس ، فقال : إن محمدا لمؤتى له (٤) والله ما أدري ما هذا الأمر تكلم خطيبنا ، فكان خطيبهم أحسن من خطيبنا قولا ، وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أشعر وأحسن قولا ، ثم دنا من النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله ، فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما يضرك ما كان قبل هذا» ، ثم أعطاهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكساهم ، وكان قد تخلف في ركابهم عمرو بن الأهتم لحداثة سنه ، فأعطاه (٥) رسول الله صلىاللهعليهوسلم مثل ما أعطاهم ، وأزرى به بعضهم وارتفعت الأصوات وكثر اللغط عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنزل فيهم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ) الآيات الأربع إلى قوله : (غَفُورٌ رَحِيمٌ).
[١٩٩٨] وقال زيد بن أرقم : جاء ناس من العرب إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى هذا الرجل فإن يكن نبيا فنحن أسعد الناس به ، وإن يكن ملكا نعش في جنابه (٦) ، فجاءوا فجعلوا ينادونه ، يا محمد يا محمد ، فأنزل الله : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٤) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٥).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (٦) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ
__________________
إن حمدي زين ، وإن ذمي شين فقال : ذاك الله تبارك وتعالى».
قال الترمذي : حديث حسن غريب.
وقال ابن كثير في «السيرة» بعد أن ذكر هذا الحديث ٤ / ٨٦ : وهذا إسناد جيد متصل.
ـ وله شاهد من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن الأقرع بن حابس :
ـ أخرجه أحمد ٣ / ٤٨٨ و ٦ / ٣٩٣ و ٣٩٤ الطبري ٣١٦٧٩ والطبراني ٨٧٨.
ـ وقال الهيثمي في «المجمع» ٧ / ١٠٨ : وأحد إسنادي أحمد رجال الصحيح ، إن كان أبو سلمة سمع من الأقرع. وإلّا فهو مرسل.
ـ وأخرجه الطبري ٣١٦٨١ عن قتادة مرسلا و ٣١٦٨٤ عن الحسن مرسلا.
[١٩٩٨] ـ أخرجه الطبري ٣١٦٧٨ من طريق داود الطفاوي عن أبي مسلم البجلي عن زيد بن أرقم به ، وإسناده ضعيف ، أبو مسلم مجهول ، وداود ضعفه ابن معين ، ووثقه ابن حبان ، ومع ذلك يشهد له ما قبله.
ـ الخلاصة : أكثر هذه الروايات يذكر فيها الأقرع بن حابس ، والظاهر أنه قدم معه وفد ، فتارة يذكر الرواة الوفد ، وتارة يذكرون الأقرع ويسمونه لأنه أمير الوفد من بني تميم ، فالحديث أصله محفوظ وقد جود ابن كثير أحد طرقه كما تقدم ، وتقدم أيضا أسبابا أخرى لنزول هذه الآيات ، والظاهر تعدد الأسباب ، والله أعلم.
(١) في المخطوط «شاعرنا ، وخطيبنا».
(٢) في المخطوط «بالفخر».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المخطوط «لمؤثا».
(٥) في المطبوع «فأعداه» والمثبت عن المخطوط.
(٦) في المخطوط «جناحه».