الحافظ لأمر الله ، وعنه أيضا : هو الذي يحفظ ذنوبه حتى يرجع عنها ويستغفر منها. قال قتادة : حفيظ لما استودعه الله من حقه. قال الضحاك : المحافظ على نفسه والمتعهد لها. قال الشعبي : المراقب ، قال سهل بن عبد الله : هو المحافظ على الطاعات والأوامر.
(مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) ، محل «من» جر (١) على نعت الأوّاب. وقيل رفع على الاستئناف ، ومعنى الآية : من خاف الرحمن وأطاعه بالغيب ولم يره. وقال الضحاك والسدي : يعني في الخلوة حيث لا يراه أحد [و] قال الحسن : إذا أرخى الستر وأغلق الباب. (وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) ، مخلص مقبل إلى طاعة الله.
(ادْخُلُوها) ، أي يقال لأهل هذه الصفة : ادخلوها ، أي ادخلوا الجنة. (بِسَلامٍ) ، بسلامة من العذاب والهموم. وقيل : بسلام من الله وملائكته عليهم. وقيل : بسلامة (٢) من زوال النعم (ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ).
(لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ (٣٥) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩))
(لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها) ، وذلك أنهم يسألون الله تعالى حتى تنتهي مسألتهم فيعطون ما شاءوا ، ثم يزيدهم الله من عنده ما لم يسألوه ، وهو قوله : (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) ، يعني الزيادة لهم في النعيم مما لم يخطر ببالهم. وقال جابر وأنس هو النظر إلى وجه الله الكريم.
قوله عزوجل : (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ) ، ضربوا وساروا وتقلبوا وطافوا ، وأصله من النقب وهو الطريق كأنهم سلكوا كل طريق ، (هَلْ مِنْ مَحِيصٍ) ، فلم يجدوا محيصا من أمر الله. وقيل : هل من محيص مفرّ من الموت؟ فلم يجدوا منه مفرا وهذا إنذار لأهل مكة وأنهم على مثل سبيلهم لا يجدون مفرا عن الموت يموتون ، فيصيرون إلى عذاب الله.
(إِنَّ فِي ذلِكَ) ، فيما ذكرت من العبر والعذاب وإهلاك القرى ، (لَذِكْرى) ، تذكرة وعظة ، (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) ، قال ابن عباس : أي عقل. قال الفراء : هذا جائز في العربية ، تقول : مالك قلب وما قلبك معك ، أي ما عقلك معك. وقيل له : قلب حاضر مع الله. (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) ، استمع القرآن ، واستمع ما يقال له لا يحدث نفسه بغيره ، تقول العرب : ألق إلي سمعك ، يعني استمع ، (وَهُوَ شَهِيدٌ) ، يعني (٣) حاضر القلب ليس بغافل ولا ساه.
قوله عزوجل : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) (٣٨) ، إعياء وتعب.
[٢٠٢١] نزلت في اليهود حيث قالوا يا محمد : أخبرنا بما خلق الله من الخلق في هذه الأيام الستة ،
__________________
[٢٠٢١] ـ ضعيف جدا. أخرجه الواحدي في «أسباب النزول» ٧٦٩ من طريق أبي بكر بن عياش عن أبي سعد البقال عن عكرمة عن ابن عباس : أن اليهود أتت النبي صلىاللهعليهوسلم ... فذكره. ـ
(١) في المخطوط «رفع» والمثبت هو الصواب انظر «تفسير القرطبي» عند هذه الآية.
(٢) في المخطوط «بسلام».
(٣) في المخطوط «أي».