قوله تعالى : (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) (١٦٤) ، [يقول جبرائيل للنبي صلىاللهعليهوسلم : وما منا معشر الملائكة إلّا له مقام معلوم ،](١) أي ما منا ملك إلّا له مقام معلوم في السموات يعبد الله فيه ، قال ابن عباس : ما في السموات موضع شبر إلّا وعليه ملك يصلي أو يسبح.
[١٧٩٨] وروينا عن أبي ذر عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أطّت السماء وحقّ لها أن تئط ، والذي نفسي بيده ما فيها موضع أربعة أصابع إلّا وملك واضع جبهته ساجدا لله».
قال السدي : إلا له مقام معلوم في القربة والمشاهدة. وقال أبو بكر الوراق : إلّا له مقام معلوم يعبد الله عليه ، كالخوف والرجاء والمحبة والرضا.
(وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) (١٦٥) ، قال قتادة : هم الملائكة صفوا أقدامهم. وقال الكلبي : صفوف الملائكة في السماء للعبادة كصفوف الناس في الأرض.
(وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) (١٦٦) ، أي المصلون المنزهون الله عن السوء ، يخبر جبريل عليهالسلام النبي صلىاللهعليهوسلم أنهم يعبدون الله بالصلاة والتسبيح وأنهم ليسوا بمعبودين ، كما زعمت الكفار ، ثم أعاد الكلام إلى الإخبار عن المشركين فقال :
(وَإِنْ كانُوا) ، أي وقد كانوا يعني أهل مكة ، (لَيَقُولُونَ) ، [هذه](٢) لام التأكيد.
(لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ) (١٦٨) ، أي كتابا مثل كتاب الأولين.
(لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ فَكَفَرُوا بِهِ) (١٦٩) ، أي فلما أتاهم ذلك الكتاب كفروا به ، (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ، هذا تهديد لهم.
(وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ) (١٧١) ، وهي قوله : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) [المجادلة : ٢١].
(إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (١٧٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٤) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٥) أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (١٧٦) فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٧) وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٨) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٩) سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٨٢))
(إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) (١٧٣) ، أي حزب الله لهم الغلبة بالحجة والنصرة في العاقبة.
(فَتَوَلَ) ، فأعرض (٣) ، (عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ) ، قال ابن عباس : يعني الموت. وقال مجاهد : يوم بدر ، وقال السدي : حتى يأمرك بالقتال. وقيل : إلى أن يأتيهم عذاب الله. قال مقاتل بن حيان : نسختها آية القتال.
(وَأَبْصِرْهُمْ) ، إذا نزل بهم العذاب ، (فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) ، ذلك فقالوا متى هذا العذاب؟
فقال الله عزوجل : (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ فَإِذا نَزَلَ) (١٧٦) ، يعني العذاب ، (بِساحَتِهِمْ) ، قال مقاتل :
__________________
[١٧٩٨] ـ تقدم في سورة النحل عند آية : ٥٠ ، وهو حديث قوي.
(١) زيادة عن «ط».
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «أعرض» والمثبت عن المخطوط.