(وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ) ، أي في جيب درعها ، ولذلك ذكر الكناية ، (مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها) ، يعني الشرائع التي شرعها الله للعباد بكلماته المنزلة ، (وَكُتُبِهِ) ، قرأ أهل البصرة وحفص (وَكُتُبِهِ) على الجمع ، وقرأ الآخرون وكتابه على التوحيد ، والمراد منه الكثرة أيضا. وأراد الكتب التي أنزلت على إبراهيم وموسى وداود وعيسى عليهمالسلام. (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) ، أي من القوم القانتين المطيعين لربها ولذلك لم يقل من القانتات. وقال عطاء : من القانتين أي من المصلين ويجوز أن يريد بالقانتين رهطها وعشيرتها فإنهم كانوا أهل صلاح مطيعين لله.
[٢٢٤٦] وروينا عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «حسبك من نساء العالمين : مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون».
سورة الملك
مكية [وهي ثلاثون آية](١)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢))
(تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) ، قال عطاء عن ابن عباس : يريد الموت في الدنيا والحياة في الآخرة. وقال قتادة : أراد موت الإنسان وحياته في الدنيا ، جعل الله الدنيا دار حياة وفناء ، وجعل الآخرة دار جزاء وبقاء. قيل : إنما قدم الموت لأنه إلى القهر أقرب. وقيل قدمه لأنه أقدم لأن الأشياء في الابتداء كانت في حكم الموت كالنطفة والتراب ونحوهما ، ثم طرأت عليها الحياة. وقال ابن عباس : خلق الموت على صورة كبش أملح لا يمر شيء ولا يجد ريحه شيء إلا مات وخلق الحياة على صورة فرس بلقاء أنثى وهي التي كان جبريل والأنبياء يركبونها لا تمر بشيء ولا يجد ريحها بشيء إلا حيي ، وهي التي أخذ السامري قبضة من أثرها فألقى على العجل فحيي (لِيَبْلُوَكُمْ) ، فيما بين الحياة إلى الموت ، (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً).
[٢٢٤٧] روي عن ابن عمر مرفوعا وأحسن عملا : أحسن عقلا ، وأورع عن محارم الله ، وأسرع في طاعة الله». وقال الفضيل بن عياض : أحسن عملا أخلصه وأصوبه. وقال : العمل لا يقبل حتى يكون
__________________
[٢٢٤٦] ـ تقدم في سورة آل عمران عند آية : ٣٢.
(١) زيد في المطبوع.