سورة الحاقة
مكية [وهي اثنتان وخمسون آية](١)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣))
(الْحَاقَّةُ) ، يعني القيامة سميت حاقة لأنها حقت فلا كاذبة لها. وقيل : لأن فيها حواق الأمور وحقائقها ، ولأن فيها يحق الجزاء على الأعمال ، أي يجب ، يقال : حق عليه الشيء إذا وجب يحق حقوقا ، قال الله تعالى : (وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) [الزمر : ٧١] قال الكسائي : الحاقة يوم الحق.
(مَا الْحَاقَّةُ) (٢). هذا استفهام معناه التفخيم لشأنها ، كما يقال : زيد ما زيد ، على التعظيم لشأنه.
(وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ) (٣) ، أي أنك لا تعلمها إذ لم تعاينها ولم تر ما فيها من الأهوال.
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ (٤) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥) وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (٦) سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ (٧) فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ (٨) وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ (٩) فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً (١٠))
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ) (٤) ، قال ابن عباس وقتادة : بالقيامة سميت قارعة لأنها تقرع قلوب العباد بالمخافة. وقيل : كذبت بالعذاب الذي أوعدهم نبيهم حتى نزل فقرع قلوبهم.
(فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) (٥) ، أي بطغيانهم وكفرهم. قيل : هي مصدر ، وقيل : نعت ، أي بأفعالهم الطاغية ، وهذا معنى قول مجاهد : كما قال : (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) (١١) [الشمس : ١١] وقال قتادة : بالصيحة الطاغية ، وهي التي جاوزت مقادير الصياح فأهلكتهم. وقيل : طغت على الخزان كما طغى الماء على قوم نوح.
(وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) (٦) ، عتت على خزائنها فلم تطعهم ولم يكن لهم عليها سبيل ، وجاوزت المقدار فلم يعرفوا كم خرج منها.
(سَخَّرَها عَلَيْهِمْ). أرسلها عليهم. وقال مقاتل : سلطها عليهم. (سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ) ، قال وهب : هي الأيام التي تسميها العرب أيام العجوز ذات برد ورياح شديدة. قيل : سميت عجوزا لأنها في عجز الشتاء. وقيل : سميت بذلك لأن عجوزا من قوم عاد دخلت سربا فتبعتها الريح ، فقتلتها اليوم الثامن من نزول العذاب وانقطع العذاب. (حُسُوماً) ، قال مجاهد وقتادة : متتابعة ليس فيها فترة ، فعلى هذا هو حسم الكي ، وهو أن يتابع على موضع الداء بالمكواة حتى يبرأ ، ثم قيل لكل شيء توبع (٢) :
__________________
(١) زيد في المطبوع.
(٢) في المخطوط «يقطع».