حتى إذا سويتك وعدلتك ، ومشيت بين بردين ، والأرض منك وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت أتصدق ، وأنى أوان الصدقة»؟
وقيل : معناه إنا خلقناهم من أجل ما يعلمون وهو الأمر والنهي والثواب والعقاب. وقيل : (ما) بمعنى (من) ، مجازه : إنا خلقناهم ممن يعلمون ويعقلون لا كالبهائم.
(فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ (٤٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٤١) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٤٢) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (٤٣) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (٤٤))
(فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) ، يعني مشرق كل يوم من أيام السنة ومغربه ، (إِنَّا لَقادِرُونَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ) ، على أن نخلق أمثل منهم وأطوع الله ، ورسوله (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ).
(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا) ، في باطلهم ، (وَيَلْعَبُوا) ، في دنياهم ، (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) ، نسختها آية القتال.
(يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) ، أي القبور ، (سِراعاً) ، إلى إجابة الداعي ، (كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ) ، قرأ ابن عامر وحفص (نُصُبٍ) بضم النون والصاد ، وقرأ الآخرون بفتح النون وسكون الصاد ، يعنون إلى شيء منصوب ، يقال : فلان نصب عيني. وقال الكلبي : إلى علم ودراية. ومن قرأ بالضم. قال مقاتل والكسائي : يعني إلى أوثانهم التي كانوا يعبدونها من دون الله. كقوله : (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) قال الحسن : يسرعون إليها أيهم يستلمها أولا. (يُوفِضُونَ) ، أي يسرعون.
(خاشِعَةً) ، ذليلة خاضعة (أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) ، يغشاهم هوان ، (ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) ، يعني يوم القيامة.
سورة نوح
مكية [وهي ثمان وعشرون آية](١)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١) قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤) قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلاَّ فِراراً (٦) وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً (٧) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً (٨))
__________________
(١) زيد في المطبوع.