سورة النازعات
مكية [وهي ست وأربعون آية](١)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (٢))
(وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً) (١) ، يعني الملائكة تنزع أرواح الكفار من أجسادهم ، كما يغرق النازع في القوس فيبلغ بها غاية المد ، [بعد ما نزعها حتى إذا كادت أن تخرج ردها في جسده فهذا عمله بالكفار](٢) والغرق اسم أقيم مقام الإغراق ، أي والنازعات إغراقا والمراد بالإغراق المبالغة في المد ، وقال ابن مسعود : ينزعها ملك الموت من تحت كل شعرة ومن الأظافير وأصول القدمين ، ويرددها في جسده بعد ما ينزعها حتى إذا كادت تخرج ردها في جسده بعد ما ينزعها ، فهذا عمله بالكفار. وقال مقاتل ملك الموت وأعوانه ينزعون أرواح الكفار كما ينزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبتل ، فتخرج نفسه كالغريق في الماء. وقال مجاهد : هو الموت ينزع النفوس. وقال السدي : هي النفس حين تغرق في الصدر. قال الحسن وقتادة وابن كيسان : هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق تطلع ثم تغيب. وقال عطاء وعكرمة : هي القسي. وقيل : هي الغزاة الرماة.
(وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً) (٢) ، هي الملائكة تنشط نفس المؤمن ، أي تحل حلا رفيقا فتقبضها ، كما ينشط العقال من يد البعير ، أي يحل برفق ، حكى الفراء هذا القول ، ثم قال : والذي سمعت من العرب أن يقولوا : أنشطت العقال إذا حللته ونشطته إذا عقدته بأنشوطة.
[٢٣٠٧] وفي الحديث : «كأنما أنشط من عقال».
وعن ابن عباس : هي نفس المؤمن تنشط للخروج عند الموت ، لما يرى من الكرامة لأنه تعرض عليه الجنة قبل أن يموت.
وقال علي بن أبي طالب : هي الملائكة تنشط أرواح الكفار مما بين الجلد والأظفار حتى تخرجها من أفواههم بالكرب والغم ، والنشط : الجذب والنزع ، يقال : نشطت الدلو نشطا إذا نزعتها. قال الخليل : النشط والإنشاط مدك الشيء إلى نفسك ، حتى ينحل. وقال مجاهد : هو الموت ينشط النفوس. وقال السدي : هي النفس تنشط من القدمين أي تجذب. وقال قتادة : هي النجوم تنشط من أفق إلى أفق ، أي تذهب ، يقال : نشط من بلد إلى بلد إذا خرج في سرعة ، ويقال حمار ناشط ينشط من بلد إلى بلد ، وقال
__________________
[٢٣٠٧] ـ يأتي في سورة الفلق إن شاء الله تعالى.
(١) زيد في المطبوع.
(٢) زيادة من المخطوط.