ولكن هذا ظاهر من كلام العرب أن يقولوا : آتيك العشية أو غداتها ، إنما معناه آخر يوم أو أوله ، نظيره قوله ؛ (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) [الأحقاف : ٣٥].
سورة عبس
مكية [وهي اثنتان وأربعون آية](١)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (٢) وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣))
(عَبَسَ) ، كلح ، (وَتَوَلَّى) ، أعرض بوجهه.
(أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى) (٢) ، [أي لأن جاءه الأعمى](٢) وهو ابن أم مكتوم واسمه عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري من بني عامر بني لؤي.
[٢٣٠٩] وذلك أنه أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام ، والعباس بن
__________________
[٢٣٠٩] ـ أصله محفوظ. أخرجه الطبري ٣٦٣١٩ من حديث ابن عباس بنحوه ، وإسناده واه ، عطية العوفي واه ، وعنه مجاهيل.
ـ ابن كثير في «تفسيره» ٤ / ٥٥٦ بقوله : وفيه غرابة ونكارة.
ـ لكن أصل الحديث قوي له شواهد ، ولعجزه شواهد أيضا.
ـ وله شواهد كثيرة ، وأحسن شيء في هذا الباب ما أخرجه الترمذي ٣٣٣١ وابن حبان ٥٣٥ والحاكم ٢ / ٥١٤ والطبري ٣٦٣١٨ والواحدي ٨٤٥ من حديث عائشة قالت :
«أنزل (عَبَسَ وَتَوَلَّى) في ابن أم مكتوم الأعمى ، أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجعل يقول : يا رسول الله أرشدني ، وعند رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجل من عظماء المشركين ، فجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعرض عنه ، ويقبل على الآخر ويقول : أترى بما تقول بأسا ، فيقال : لا. ففي هذا أنزل».
ـ وإسناده صحيح على شرط مسلم ، وصححه الحاكم على شرطهما ، لكن قال : وأرسله جماعة عن هشام بن عروة عن عروة ليس فيه ذكر عائشة.
ـ قلت : والمرسل ، أخرجه مالك ١ / ٢٠٣ ، ومراسيل عروة جياد.
ـ وله شاهد من مرسل قتادة ، وأخرجه الطبري ٣٦٣٢٢.
ـ وله شاهد من مرسل الضحاك ، وأخرجه الطبري ٣٦٣٢٥.
ـ وله شاهد من مرسل عبد الرحمن بن زيد ، أخرجه الطبري ٣٦٣٢٦.
ـ وله شاهد من مرسل مجاهد ، أخرجه الطبري ٣٦٣٢٩.
ـ وله شاهد من مرسل مجاهد والحسن ، أخرجه الطبري ٣٦٣٢٢.
ـ وعجزه «فاستخلفه ....» دون أثر أنس ، أخرجه الطبري ٣٦٣٢٢ من مرسل قتادة.
ـ وقول أنس ، أخرجه الطبري ٣٣٦٢٤ عن قتادة عن أنس ، وإسناده حسن.
ـ الخلاصة : رووه بألفاظ متقاربة ، والمعنى متحد ، وأن الآيات نزلن في شأن ابن أم مكتوم.
(١) زيد في المطبوع.
(٢) زيادة عن «ط».