مخلد (١) بن جعفر ثنا الحسن بن علوية ثنا إسماعيل بن عيسى ثنا إسحاق بن بشر أنا ابن جريج عن عكرمة بن خالد ومقاتل عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لجبريل : «إني أحب أن أراك في صورتك التي تكون فيها في السماء» ، قال لن تقوى على ذلك ، قال : بلى ، قال : فأين تشاء أن أتخيل لك؟ قال : بالأبطح ، قال : لا يسعني ، قال : فههنا ، قال : لا يسعني ، قال : فبعرفات ، قال : ذلك بالحري أن يسعني فواعده ، فخرج النبي صلىاللهعليهوسلم في الوقت فإذا هو بجبريل قد أقبل من جبال عرفات بخشخشة وكلكلة ، قد ملأ ما بين المشرق والمغرب ، ورأسه في السماء ورجلاه في الأرض ، فلما رآه النبي صلىاللهعليهوسلم كبّر وخرّ مغشيا عليه. قال : فتحول جبريل في صورته فضمه إلى صدره ، وقال : يا محمد لا تخف فكيف لك لو رأيت إسرافيل ورأسه من تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة ، وإن العرش لعلى كاهله ، وإنه ليتضاءل أحيانا من مخافة الله عزوجل حتى يصير مثل الوصع (٢) يعني العصفور ، حتى ما يحمل عرش ربك إلا عظمته.
(وَما هُوَ) ، يعني محمدا صلىاللهعليهوسلم ، (عَلَى الْغَيْبِ) ، أي الوحي ، وخبر السماء وما أطلع عليه مما كان غائبا عنه من الأنباء والقصص ، (بِضَنِينٍ) ، قرأ أهل مكة والبصرة والكسائي بالظاء أي بمتهم ، يقال : فلان يظن بمال ويزن أن يتهم به والظنة التهمة ، وقرأ الآخرون بالضاد أي يبخل يقول إنه يأتيه علم الغيب فلا يبخل به عليكم بل يعلمكم ويخبركم به ، ولا يكتمه كما يكتم الكاهن ما عنده حتى يأخذ عليه حلوانا ، تقول العرب : ضننت بالشيء بكسر النون أضن به ضنا وضنانة فأنا به ضنين أي بخيل.
(وَما هُوَ) ، يعني القرآن ، (وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) (٢٥) ، قال الكلبي : يقول إن القرآن ليس بشعر ولا كهانة كما قالت قريش.
(فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) (٢٦) ، أي أين تعدلون عن هذا القرآن ، وفيه الشفاء والبيان قال الزجاج : أي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي قد بينت لكم.
ثم بين فقال : (إِنْ هُوَ) ، أي ما القرآن ، (إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) ، موعظة للخلق أجمعين.
(لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) (٢٨) ، أي يتبع الحق ويقيم عليه.
(وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٢٩) ، أي أعلمهم أن المشيئة في التوفيق إليه وأنهم لا يقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله وفيه إعلام أن أحدا لا يعمل خيرا إلا بتوفيق الله ولا شرا إلا بخذلانه.
سورة الانفطار
مكية [وهي تسع عشرة آية](٣)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ (١) وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ (٢) وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما
__________________
(١) تصحف في المطبوع «محمد».
(٢) تصحف في المطبوع «الصعو».
(٣) زيد في المطبوع.