قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) ، أشركوا يعني كفار قريش أبا جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأصحابهم من مترفي مكة ، (كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) عمار وخباب وصهيب وبلال وأصحابهم من فقراء المؤمنين. (يَضْحَكُونَ) ، وبهم يستهزءون.
(وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ) ، يعني مر المؤمنون بالكفار ، (يَتَغامَزُونَ) ، والغمز الإشارة بالجفن والحاجب ، أي يشيرون إليهم بالأعين استهزاء.
(وَإِذَا انْقَلَبُوا) ، يعني الكفار ، (إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ) ، معجبين بما هم فيه يتفكهون بذكرهم.
(وَإِذا رَأَوْهُمْ) ، رأوا أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، (قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ) ، يأتون محمدا صلىاللهعليهوسلم يرون أنهم على شيء.
(وَما أُرْسِلُوا) ، يعني المشركين ، (عَلَيْهِمْ) ، يعني على المؤمنين ، (حافِظِينَ) ، أعمالهم أي لم يوكلوا بحفظ أعمالهم.
(فَالْيَوْمَ) ، يعني في الآخرة ، (الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) ، قال أبو صالح وذلك أنه يفتح للكفار وهم في النار أبوابها ، ويقال لهم : اخرجوا فإذا رأوها مفتوحة أقبلوا إليها ليخرجوا والمؤمنون ينظرون إليهم فإذا انتهوا إلى أبوابها غلقت دونهم ، يفعل بهم ذلك مرارا والمؤمنون يضحكون.
وقال كعب : بين الجنة والنار كوى فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدو له كان في الدنيا اطلع عليه من تلك الكوى ، كما قال : (فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) (٥٥) [الصافات : ٥٥] ، فإذا اطلعوا في الجنة إلى أعدائهم وهم يعذبون في النار ضحكوا فذلك قوله عزوجل : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) (٣٤).
(عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦))
(عَلَى الْأَرائِكِ) ، من الدر والياقوت ، (يَنْظُرُونَ) ، إليهم في النار.
قال الله تعالى : (هَلْ ثُوِّبَ) ، هل جوزي ، (الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) ، أي جزاء استهزائهم بالمؤمنين ومعنى الاستفهام هاهنا التقرير. وثوب وأثاب بمعنى واحد.
سورة الانشقاق
مكية [وهي خمس وعشرون آية](١)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (٢) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ (٤) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (٥) يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (٦))
__________________
(١) زيد في المطبوع.