(وَزَرابِيُ) ، يعني البسط العريضة قال ابن عباس : هي الطنافس التي لها حمل واحدتها زربية (مَبْثُوثَةٌ) ، مبسوطة ، وقيل : متفرقة في المجالس.
(أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) (١٧).
قال أهل التفسير : لما نعت الله تعالى في هذه السورة ما في الجنة عجب من ذلك أهل الكفر وكذبوه ، فذكر لهم الله تعالى صنعه فقال : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) (١٧) ، وكانت الإبل من أعظم عيش (١) العرب ، لهم فيها منافع كثيرة فكما (٢) صنع لهم ذلك في الدنيا صنع لأهل الجنة فيها ما صنع وتكلمت الحكماء في وجه تخصيص الإبل من بين سائر الحيوانات.
فقال مقاتل : لأنهم لم يروا بهيمة قط أعظم منها ، ولم يشاهدوا الفيل إلا الشاذ منهم.
وقال الكلبي : لأنها تنهض بحملها وهي باركة ، وقال قتادة : ذكر الله ارتفاع سرر الجنة وفرشها ، فقالوا : كيف نصعدها فأنزل الله هذه الآية.
وسئل الحسن عن هذه الآية وقيل له : الفيل أعظم في الأعجوبة؟ فقال : أما الفيل فالعرب بعيدة العهد بها ، ثم هو لا خير فيه لا يركب ظهرها ولا يؤكل لحمها ولا يحلب درها ، والإبل من أعز مال للعرب وأنفسه تأكل النوى والقت (٣) وتخرج اللبن. وقيل : إنها مع عظمها تلين للحمل الثقيل وتنقاد للقائد الضعيف. حتى إن الصبي الصغير يأخذ بزمامها فيذهب بها حيث شاء ، وكان شريح القاضي يقول : اخرجوا بنا إلى الكناسة (٤)(٥) حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت.
(وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠) فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (٢٦))
(وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ) (١٨) ، عن الأرض حتى لا ينالها شيء يغير عمد.
(وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ) (١٩) ، على وجه الأرض مرساة لا تزول.
(وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) (٢٠) ، بسطت ، قال عطاء عن ابن عباس : هل يقدر أحد أن يخلق مثل الإبل أو يرفع مثل السماء أو ينصب مثل الجبال أو يسطح مثل الأرض غيري؟
(فَذَكِّرْ) أي عظ يا محمد (إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) (٢٢) ، بمسلط فتقتلهم وتكرههم على الإيمان نسختها آية القتال.
(إِلَّا مَنْ تَوَلَّى) ، استثناء منقطع عما قبله معناه لكن من تولى ، (وَكَفَرَ) ، بعد التذكير.
(فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) (٢٤) وهو أن يدخله النار وإنما قال الأكبر لأنهم عذبوا في الدنيا بالجوع والقحط والقتل والأسر.
(إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ) (٢٥) ، رجوعهم بعد الموت ، يقال : آب يئوب أوبا وإيابا ، وقرأ أبو جعفر
__________________
(١) في المطبوع «أعظم عيسى» والمثبت عن المخطوط ، ويدل عليه سياق الطبري والواحدي.
(٢) في المخطوط «فلما».
(٣) تصحف في المخطوط «القب».
(٤) في المخطوط «الكنانية» والمثبت عن المطبوع و «الوسيط» ٤ / ٤٧٦.
(٥) تصحف في المطبوع وط «فعل» والمثبت عن المخطوط ، و «معاني القرآن» ٥ / ٣١٩ للزجاج ، و «الوسيط».