سورة القدر
مكية [وهي خمس آيات](١)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢))
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (١) ، يعني القرآن كناية عن غير مذكور ، أنزله جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ، فوضعه في بيت العزة ، ثم كان ينزل به جبريل عليهالسلام نجوما في عشرين سنة.
ثم عجب نبيه فقال : (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (٢) ، سميت ليلة القدر لأنها ليلة تقدير الأمور والأحكام ، يقدر الله فيها أمر السنة في عباده وبلاده إلى السنة المقبلة ، كقوله تعالى : (فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِ) ، وهو مصدر قولهم : قدر الله الشيء بالتخفيف قدرا وقدرا ، كالنهر والنهر والشعر والشعر ، وقدّره بالتشديد تقديرا بمعنى واحد ، قيل للحسين بن الفضل : أليس قد قدر الله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال : نعم ، قيل : فما معنى ليلة القدر؟ قال : سوق المقادير التي خلقها إلى المواقيت ، وتنفيذ القضاء المقدور. وقال الأزهري : وليلة العظمة والشرف من قول الناس : لفلان عند الأمير قدر ، أي جاه ومنزلة ، يقال : قدرت فلانا أي عظمته. قال الله تعالى : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) [الأنعام : ٩١ ، الزمر : ٦٧ ، الحج : ٧٤] ، أي : ما عظموه حق تعظيمه. وقيل : لأن العمل الصالح فيه يكون ذا قدر عند الله لكونه مقبولا.
واختلفوا في وقتها فقال بعضهم : إنها كانت على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم رفعت ، وعامة الصحابة والعلماء على أنها باقية إلى يوم القيامة. وروي عن عبد الله بن مكانس مولى معاوية قال : قلت لأبي هريرة : زعموا أن ليلة القدر قد رفعت؟ قال : كذب من قال ذلك ، قلت : هي في كل شهر؟ قال : لا بل في شهر رمضان ، فاستقبله وقال بعضهم : هي ليلة من ليالي السنة حتى لو علق رجل طلاق امرأته وعتق عبده بليلة القدر لا يقع ما لم تمض سنة من حين حلف ، يروى ذلك عن ابن مسعود ، قال : من يقم الحول يصبها فبلغ ذلك عبد الله بن عمر فقال : يرحم الله أبا عبد الرحمن أما إنه علم أنها في شهر رمضان ، ولكن أراد أن لا يتكل الناس. والجمهور من أهل العلم على أنها في شهر رمضان ، واختلفوا في تلك الليلة ، قال أبو رزين العقيلي : هي أول ليلة من شهر رمضان. وقال الحسن : ليلة سبع عشرة ، وهي الليلة التي كانت صبيحتها وقعة بدر. والصحيح والذي عليه الأكثرون : أنها في العشر الأواخر من شهر رمضان.
__________________
(١) زيد في المطبوع.