فلولا الرحلتان لم يكن لهم مقام بمكة ، ولو لا الأمن بجوار البيت لم يقدروا على التصرف ، وشق عليهم الاختلاف إلى اليمن والشام فأخضبت تبالة وجرش من بلاد اليمن ، فحملوا الطعام إلى مكة أهل الساحل من البحر على السفن وأهل البر على الإبل والحمير فألقى أهل الساحل بجدة ، وأهل البر بالمحصب ، وأخصب الشام فحملوا الطعام إلى مكة فألقوا بالأبطح ، فامتاروا (١) من قريب وكفاهم الله مئونة الرحلتين ، وأمرهم بعبادة رب البيت.
فقال : (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ) (٣). أي الكعبة.
(الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ) ، أي من بعد جوع بحمل الميرة إلى مكة ، (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) ، بالحرم وكونهم من أهل مكة حتى لم يتعرض لهم في رحلتهم.
وقال عطاء عن ابن عباس : إنهم كانوا في ضر ومجاعة حتى جمعهم هاشم على الرحلتين ، وكانوا يقسمون ربحهم بين الفقير والغني حتى كان فقيرهم كغنيهم.
قال الكلبي : وكان أول من حمل السمراء من الشام ورحل إليها الإبل هاشم بن عبد مناف وفيه يقول الشاعر :
قل للذي طلب السماحة والندى |
|
هلا مررت بآل عبد مناف |
هلّا مررت بهم تريد قراهم |
|
منعوك من ضر ومن أكفاف |
الرائشين وليس يوجد رائش |
|
والقائلين هلمّ للأضياف |
والخالطين فقيرهم بغنيهم |
|
حتى يكون فقيره كالكافي |
والقائمين بكل وعد صادق |
|
والراحلين برحلة الإيلاف |
عمرو العلاء هشم الثريد لقومه |
|
ورجال مكة مسنتون عجاف |
سفرين سنهما له ولقومه |
|
سفر الشتاء ورحلة الأصياف |
وقال الضحاك والربيع وسفيان : (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) من خوف الجذام ، فلا يصيبهم ببلدهم الجذام.
سورة الماعون
مكية [وهي سبع آيات](٢)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١))
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ) (١) ، قال مقاتل : نزلت في العاص بن وائل السهمي. وقال
__________________
(١) تصحف في المخطوط «امتازها».
(٢) زيد في المطبوع ..