قدم كعب مكة قالت له قريش : نحن أهل السقاية والسدانة ، وأنت سيد أهل المدينة فنحن خير أم هذا الصنبور المنبتر من قومه؟ فقال : بل أنتم خير منه ، فنزلت : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) [النساء : ٥١] الآية ، ونزل في الذين قالوا إنه أبتر : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) (٣) أي المنقطع من كل خير.
سورة الكافرون
مكية [وهي ست آيات](١)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (٢) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٣) وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (٤) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (٥) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦))
(قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) (١) ، إلى آخر السورة.
[٢٤١٢] نزلت في رهط من قريش منهم : الحارث بن قيس السهمي ، والعاص بن وائل والوليد بن المغيرة ، والأسود بن عبد يغوث ، والأسود بن المطلب بن أسد ، وأمية بن خلف ، قالوا : يا محمد هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك ونشركك في أمرنا كله ، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ، فإن كان الذي جئت به خيرا كنا قد شركناك فيه وأخذنا حظنا منه ، وإن كان الذي بأيدينا خيرا كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه ، فقال : معاذ الله أن أشرك به غيره ، قالوا : فاستلم بعض آلهتنا نصدقك ونعبد إلهك ، فقال : حتى انظر ما يأتي من عند ربي ، فأنزل الله عزوجل : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) (١) إلى آخر السورة ، فغدا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى المسجد الحرام وفيه الملأ (٢) من قريش ، فقام على رءوسهم ثم قرأها عليهم حتى فرغ من السورة ، فأيسوا منه عند ذلك وآذوه وأصحابه.
ومعنى الآية : (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) (٢) ، في الحال.
(وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) (٣) ، في الحال ، (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ) (٤) ، في الاستقبال ،(وَلا
__________________
ـ قلت : قد توبع ، فهذا خبر قوي ، ورد من وجوه عن عكرمة عن ابن عباس ، ويمكن الجمع بينه وبين المتقدم ، بأن يكون العاص هو رأس قريش في تلك الحادثة ، والله أعلم.
[٢٤١٢] ـ هكذا ذكره بدون إسناد ومن غير عزو ، وكذا صنع الواحدي في «الأسباب» ٨٧٤ ، وذكره ابن هشام في «السيرة» ١ / ٣٤٨ عن ابن إسحاق به.
ـ وورد بنحوه عن ابن عباس ، أخرجه الطبري ٣٨٢٢٥ ، وإسناده ضعيف ، فيه أبو خلف ، وهو مجهول.
ـ وورد من مرسل سعيد بن ميناء أخرجه الطبري ٣٨٢٢٥ فذكر بعضه.
(١) زيد في المطبوع.
(٢) في المطبوع «الملا».